10فكر و إصلاح 10المنابرفي تونس، الرّسالة التي يُرادُ
تغييبها
بقلم / منجي بـــاكير
يحتلّ المنبر المكانة المتميّزة في حياة
المسلمين و يُعتبر ضرورة قائمة لتعليم الأمّة و توجيه أفرادها و تربيتهم في كلّ
عصر ، و هو قلب الأمّة النّابض و لسانها النّاطق و منارتها وسط كلّ المستجدّات و
الحوادث سواء المحلّية أو العالميّة ، كما انّه الأداة الفاعلة
لإرجاع الأمّة الإسلاميّة للجادّة و ردّها إلى الطريق القويم وسط متغيّرات الحياة وتنوير العقل المسلم و إرشاده إلى قيم الدّين الصّحيحة و إجلاء البدع و المحدثات . فالمنبر في حياة المسلمين يمثّل إبرة الإتّجاه التي تعدّل من سلوكاتهم و معاملاتهم سواء البينيّة أو مع غيرهم ممّن يعايشونهم ، و يصفّي مَعين العقيدة ليجلي ما علق بها من ترّهات و اختلاقات ...
لإرجاع الأمّة الإسلاميّة للجادّة و ردّها إلى الطريق القويم وسط متغيّرات الحياة وتنوير العقل المسلم و إرشاده إلى قيم الدّين الصّحيحة و إجلاء البدع و المحدثات . فالمنبر في حياة المسلمين يمثّل إبرة الإتّجاه التي تعدّل من سلوكاتهم و معاملاتهم سواء البينيّة أو مع غيرهم ممّن يعايشونهم ، و يصفّي مَعين العقيدة ليجلي ما علق بها من ترّهات و اختلاقات ...
و المنبر عند أمّة الإسلام بحكم تواتره أسبوعيّا
فهو يرصد من قريب حياة النّاس ، يستشعر
همومهم و ليبيّن ما غمض ، يقوّم ما اعوجّ و يذكّر ما نُسي ، و يعيد كلّ ما أشكل
إلى كتاب الله و سنة رسوله و إلى ما أجمع عليه سلف الأمّة و علماءها في كلّ مناحي حياة المسلمين التعبّديّة ،
الإجتماعيّة ، الإقتصاديّة و السّياسيّة ..
و لتكتمل رسالة المنبر و تثبت فاعليّته لابدّ من
أن يكون القائمون عليه من أهل الإختصاص و الخبرة و العلم الواسع و غزارة المعرفة و
على قدر كبير من البلاغة و وسْع إطّلاع على العلوم المدنيّة مع ضرورة التحيين
الفوري و متملّكين بنواصي العلوم الشرعيّة ، كما أنّ استقلاليّة من يعتلي المنبر
ضرورة واجبة ، استقلايّة عن التعبيّة لأي حزب أو مذهب بعينه و أن يكون في براءة من
أيّ إلتزام نحو الدّولة و هياكلها و في
حلّ من أيّ ولاء إلاّ لله و لرسوله و للمؤمنين ..
هـــــــــــــــــذا المنبر في البلاد
التونسيّة مرّ بعقود من الإنحطاط – إلاّ ما رحم ربّي – العقود الأخيرة التي تميّزت
بالتجهيل و التغريب فانحرف المنبر عن
رسالته السّامية و زُجّ به في متاهات و كُبّل بولاءات للحكّام ، كما عُزل عنه أهله
و عُوّضوا بدخلاء عديمي العلم ، فاقدي القُدرة و ربطوهم بهياكل الدّولة تحت مراقبة
الدّاخليّة كما ألزموهم بقوالب جاهزة للخطب محصورة في بعض الأحكام التعبّديّة و
الأخلاقيات ، ومنهم من بلغ به جهله أو أجبرته توجيهات النّظام و زبانيته من سدنة
التجمّع الفاسد بأن انتصب على المنبر مسوّقا لهذا النّظام و لمناقبه (
التي يدين بها هو ) و داعيا إلى شدّ أزر – حامي الحمى و الدّين – و ضرورة التبرّع
إلى صندوقه الأسود 26/ 26 ) و توأمه جمعيّة حرمه ...
من بعد الثورة و كما كلّ منابر الكلمة و قطاعات
الرأي و مع رجوع حقّ حريّة التعبير إلى المواطن فإنّ المنبر استعاد هو الآخر هذه
الحريّة ، حريّة كانت ضعيفة برغم ضرورة الأولويّة التي يستحقّها تجاه شعب عربي مسلم
اختطفته سنوات الدكتاتورية و حكم البوليس من حاضنته العربية الإسلاميّة لتلقي به
في أحضان التغريب و العلمانيّة ، حريّة كانت ببوادر من أئمّة و دعاة أخذوا على
عاتقهم واجب الإصلاح و النّهوض بالرسالة المنبريّة بتحيين و ردّ الإعتبار للخطاب
الديني و توجييه نحو الوجهة الصّحيحة ،،،
بوادر لم يساهم فيها حزب النّهضة الصّاعد للحكم
بمرجعيّة إسلامية و لم يظهر له جهد يذكر في توطيد هذا المنحى لتنفرد الأجندات
التغريبيّة و سدنة العلمانيّة المتطرّفة و مروّجي الشذوذ الفكري و الجسدي بشنّ
الحملات التشويهيّة و تجييش أدعياء
الإعلام الرديء لمحاربة دين الله في هذه الأرض
تحت تعلاّت واهية لكنّها تبطن عداء مزمنا للإسلام و أهله مدفوعا من قوى خارجيّة و بوكالة محليّة ، فركّزوا بدايات
حملاتهم على التأكيد ( مع سابقيّة الإصرار
) بفصل الدين عن الحياة العامّة و إقصاء
شرع الله لأن يطبّق في أرض الله التي عرفت ربّها و آمنت بشريعته منذ قرون عديدة ، ثمّ فتحوا واجهات قديمة جديدة لتقزيم و تغييب دور المسجد و حصره
في المكانة الرّوحانيّة التعبّديّة على غرار الكنائس ، كما لم يفارقهم أن يهاجموا
الدّعاة و الأئمة و يترصّدوا لهم الترصّدات و يرموهم جُزافا بمختلف الأراجيف و
الشّائعا ت نكاية من عند أنفسهم و طعنا في كلّ ما هو موصول بالدّين الحنيف ،،،
حملات متواترة و مقصودة مُواصَلةً ( بل أشدّ ضراوة ) لما كان يفعله
النّظام المدحور تنفيذا لأجندات أعداء الأمّة و من يريدون لها الإنبتات عن كلّ انتماء
إسلامي ، كما أنّ وكلاء السّوء القائمين على هذه الأفعال الشّنيعة كانوا – أشدّ
ملوكيّة من الملك نفسه – فجنّدوا و جيّشوا و رصدوا الجهود للتهويل و التخويف و
فبركة الأكاذيب و ربط أبسط المستجدّات بالصّحوة و خلطها بالإنفلاتات التي شملت كلّ
القطاعات الحياتيّة في البلاد من بعد الثورة ...!
كما مارسوا كل الضغوط على الدّولة لبسط يدها على
المساجد و وضع أئمّتها- تحت الحجر- و احتواء مادّة الخطابة لتقنينها و وضعها تحت
جبّتها ...
إنّ ما يقع ما هو إلاّ رغبة دنيئة من بعض المتنطّعين من أدعياء العلْمنة و
الشّذوذ لا يكمن التصدّي لها فكرا و مقارعة بالحجّة على الأئمّة وحدهم بل هو
من أوكد مسؤوليّات عمق الشعب العربي
و المسلم
، كما أنّ على الأئمة مواصلة النهج
الإصلاحي و تحيين الخطاب الدّيني و الرّجوع إلى به إلى معين الإسلام الصّحيح بمرجعيّة الكتاب و
السنّة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق