في اليابان ،، يحيا هنا الإنسان
منجي باكير
في مستهلّ هذا الأسبوع ، صادف أن شاهدت مقطعا لليوتيوب بعنوان ( صداع
اليابانيين ) ، هذا المقطع كان يجسّد مشهدا من الحركات الجماعيّة لثلّة من الشباب
اليابانيين ، لكم أن تواصلوا رابط المقطع
لتقفوا بحقّ على قوّة الإبهار و تعايشوا صدى الجماليّة النّاتجة عن الدرجة العالية من الإتقان ،
النّظام و الإنضباط ،، مقطع يُظهر التناسق الحركي في أعجوبة متناهية ، تناسق
تصوّره الدقّة و تظبطه المهارة إلى حدّ ملامسة
الإعجاز ، إعجاز هؤلاء الشباب في التحكّم في أجزاء الثانية من
الوقت بأريحيّة وسلاسة و تطويعها في مهارة
خياليّة ...
طبعا ليس هذا المقطع هو الشّاهد الوحيد على تفوّق اليابانيين ، بل هو
مجرّد إثارة للحديث عن معجزة كبيرة ، معجزة إسمها (( شعب اليابان )) . شعب اليابان الذي صار مضرب الأمثال في عصرنا عن
النّظام ، الولاء ، تقديس قيمتي العمل و الوقت ، الآداب الخاصّة و العامّة ،
العدالة الإجتماعيّة ، الإنضباط السلوكي ، و التضحية بلا حدود و بلا مقابل ...
شعب اليابان ، شعب عصامي ،عرف حدود مقدّراته الطبيعيّة و اعتبر من
هنّات التاريخ ،، راهن على (( الإنسان ))
، ثمّ آمن بذاته و عوّل على نفسه ليتمكّن
ذاتيّا من خلق واقع إقتصادي له بصمته الرائدة بلا منازع في كل الأسواق العالميّة ،، كذلك
ليفرض نمط العيش الخاصّ به و يعتزّ بتاريخه ، تراثه و عاداته في شموخ و لم يفكّر
حتى - مجرّد التفكير- في التنازل أو استبدال بعضها .
شعب اليابان – أو معجزة التاريخ الحديث – شعب استطاع في ثبات أن يجعل
لنفسه مكانا تحت الشمس بلا تبعيّة و لا ارتهان لقوى الهيمنة العالميّة ، بل أصبح له النصيب الأفر من إحتمال قيادة
العالم و لو بعد حين ،،، شعب لم يفعل كما فعل العرب الذين فرّقتهم الأطماع و
كبّلتهم المخاوف فجعلتهم رهائن ((الغول الغربي )) و لم يقدروا حتّى على مجرّد
التفكير في الخروج من تحت عباءته أو فكّ
الإرتباط عنه ..
حتما ما نعرف إلاّ – بعضا – من اليابان ، لكن هذا البعض كافٍ بأن يعطي
صورة واضحة عن شعب أخذ مكانه في سجلّ الحضارات و جعل لنفسه بصمة ذاتيّة الملامح
،،، شعب بلغ هذا الشأو و برهن على جدارته في صنع و تكييف الحياة ،، هو شعب يستحقّ الحياة ،،، و اليابان فعلا بلد يحيا فيه الإنسان كإنسان ..!
هناك تعليق واحد:
دائما تملك افكار تغوص في بحر المعنى لتطفوا على سطح الحياة جميل ما تخطة لنا هنا منجي باكير دمت رائع كما عهدناك (روح الندى )
إرسال تعليق