الغنّوشي ، السّبسي و فرانسا الحنينة
بقلم / منجي بـــاكير
قديما قال دريد لحّام في مسرحيته – على نخبك يا
وطن – افتح الراديو على لندن من شان نسمع أخبار بلدنا - ،،، و لا يدري دريد و لا غيره
من مواطني العالم العربي أنّ الهوان و انحطاط حاكميّتم سيصل بهم إلى أن يعيشوا زمنا تدار فيه سياسات
أوطانهم في مطابخ الغرب الإستخرابي و ترسم مصائر الشعوب العربيّة أيادي مكوّنات
الصّراع العالمي و دوائر القرار الأجنبي ،،،
هذا الطّائف مرّ بي عندما طالعت خبرا مفاده
التقاء الغنّوشي زعيم حركة النهضة و السّبسي زعيم النّداء على الأراضي الفرنسيّة
لحلحلة الأزمة القائمة بين الحكومة و المعارضة التونسيّة و لبحث مخارج توافقيّة
لها ، لعلّ حرارة الطّقس و تأزّم اللعبة الديمقراطيّة وكثرة مهاترات أدعياء السّياسة على مختلف مشاربهم هي
التي حدت بفرنسا – الحنينة جدّا على مستعمرتها السّابقة – بأن تنقل حيثيّات
التفاوض المنعدم تونسيّا على أراضيها ، فرنسا التي كان لها -إلى وقت قريب - السّبق
في أن تكون المهندس الرئيسي في تأزيم أوضاع بلادنا و تغذية نزعات البلبلة و زرع و
رعاية دعوات الإنقلاب على الإفراز الديمقراطي الذي خيّب آمالها و هدّد مصالحها ،، فرنسا
التي لم تدّخر جهدا ديبلوماسيّا و لا تحريكا لأتباعها في بعض مؤسّسات المجتمع
المدني و لا سعيا بطرق أخرى بدافع خوفها الشديد من أن يفرط من بين أيديها زمام
الأمور ، لكن الأمور سارت عكس ما خطّطت له و خيّب آمالها من انتدبتهم لتنفيذ مبتغاها و
تيقّنت أن ّ عمق الشعب التونسي كذّب كل تكهّناتها و رغبات عملاءها و مرتزقتها الذي
كانوا يرون الصورة عكسيّا ...
فرنسا أيضا وجدت نفسها أيضا أمام خصم شرس
ينافسها في الحلول مكانها في المشهد السياسي التونسي ، وجدت ألمانيا التي نزلت
بكلّ ثقلها و بإيعاز من حليفتها تركيا إلى الميدان السياسي التونسي ، فكان التصادم
الذي تولّدت عنه ضغوطا ألمانيّة على فرنسا
لتنصاع إلى الرّغبات الألمانية الرّافضة لمشروع الإنقلاب و استبعاد معاودة و
استنساخ المثال المصري ...
إذا كان اجتماع الرأسين البارزين في التفاعلات
السياسيّة التونسيّة الغنوشي و السّبسي و كانت بياناتهما خرجت متّحدة في وصف هذا
الإجتماع بالإيجابي و الصّريح و انّه تضمّن دعوة للحوار كبديل لتجييش الشارع و
الإنقلاب ،،،
اجتماع قد يكون له الأثر الكبير في ايجاد نقطة
ارتكاز لتوجيه المسار الإنتقالي نحو التهدئة و الدّفع به إلى المراحل الموالية في
كنف السلمية و التوافق خصوصا أنّ هذا سينبني على وصفات و ضغوطات من مطابخ السياسة
الفرنسيّة و الألمانية الرّاعية الرسميّة لسياسة بلادنا بعد أن فرّقت العنجهيّة
بين مختلف الفرقاء المحلّيين و انعدم سبيل الحوارالوطني بينهم و اتّضح لوكلاء فرنسا أنّهم فقدوا الضوء
الأخضر و احترقت كثيرا من كروتهم و انقطعت عليهم سيولات التمويلات ...
~ْ~ْ~ْ~
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق