العيد هو مناسبة
روحانيّة في جوهرها و في أصلها الذي تنبني عليه كل الطقوس و الأعمال المادّية و
تكون لازمة له ( أي للأصل الروحاني ) و لابدّ أن تكون هذه الأعمال و الطقوس منبثقة
من ذات القيم الروحيّة و وفْقها في المشروعيّة و و الكيفيّة و كذلك في الضوابط و
التوقيتات ، فالعيد - عيد الأضحى - هو
الذكرى التي يحييها أتباع الشريعة المحمّدية أسوة بأبي الأنبياء إبراهيم عليه و
على نبيّنا الصلاة و السّلام ، ذكرى عبادة ربّانية تجمع بين كثير من القيم كالتضحية و الفداء و التسليم
لأوامر الله و نفي الخيرة للعبد أمام ما حكم و يحكم به رب العالمين الحكيم ،
الخبير العليم و الرؤوف الرّحيم ...
و عليه فإنّ هذه الأمّة
الإسلامية تتوحّد هذا اليوم لتختم أحسن أيّام الله ، يوم العاشر من ذي الحجّة ،
الأيام التي خصّها الله بالتكريم و جعل لها بركات و نورانيّات تفوق سائر أيام
البشر ،،،
و العيد لا يكون عيدا و
لا يتأتّى معناه و لا تحصل فائدته إلاّ إذا اكتملت مقاصده و أهدافه ومنها التواصل
بين النّاس و منها وصل الرّحم ، الإحساس بمن يقاسمنا الأمكنة و الأزمنة و العمل
على تغيير ما كان عندنا من مفاهيم خاطئة و أفعال غير مستقيمة ، إدخال الفرحة على
المسلمين انطلاقا من العائلة بالتوسعة
عليها و اللّين و الرّفق في معاملتها ثم في دوائر أكبر مع الجيران و الحيّ
و القرية و كلّ من تربطنا به علاقات اجتماعيّة أوسع و أعمّ ،،،
العيد مناسبة للتقييم
الذّاتي ، لتزكية الرّوح ، لتزكية المال و للتفكّر في دورة الحياة و الموت و ما
بينهما و ما يجب أن يكون عليه الإنسان من
قرب إلى شريعة الله حتى يستقيم أمره فيأتمر بأوامر الله في تسليم و رضاء و يقين ثابت لا يداخله الشكّ و لا تزحزحه المحن
، كما يجب عليه أن يقف عند نواهي الله و محارمه في ذات الإيمان و اليقين بإعتبار
أنّ الآمر و الناهي و هو الله جلّ جلاله لا يكلّف الإنسان إلاّ ما وسعه و لا ينهاه
إلاّ عن ما يضرّه أو يضر المجموعة أو يخرق سنن الحياة و ينافي الفطرة الإنسانية .
عندها فقط يمكن لهذا الإنسان أن يجني لذّة الإيمان في هذه الحياة الدّنيا و يخلص
إلى يوم الميعاد بزاد يترقّب فيه القبول و التزكية و الزّيادة من الله الوارث
الكريم .
هو العيد و هذا من جملة
ما يجب على ذوي النّفوس السّويّة أن تغتنم من مجيئه و أن تنمّي فيه إيمانها و
يقينها بالخالق سبحانه و تعالى ،،
عيد ، أعاده الله على
الأمّة بالعزّة و الكرامة و النّصر و الوحدة و الرجوع إلى ما شرعه لهم خالقهم .
كلّ عام و أنتم بخير و
هناء و صفاء ..
منجي باكير – كاتب صحفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق