أيّ شعب هذا ، نصفه يُكنّكتي و الآخر يبحث عن
ريزو
منجي باكير- كاتب صحفي
نحن التونسيون كما باقي شعوب التّخلّف و
التّبعيّة الأخرى ، استفحلت فينا معادلة قوّة الإستهلاك مقابل صفريّة الإنتاج ،،،
هذا ثابت و مزمن و لا منجى منه على الأقلّ في المنظور القريب ،،، لكنّ الأمر عندنا
في تونس
تشعّب و زاد ت حدّته خصوصا من بعد الثورة و انتشار البطالة بنوْعيها
القسريّة و الطّوعيّة .
شباب البلاد و جيل المستقبل في غفلة من الإحاطة
والتوجيه و استهتارا بكلّ قيم الإنضباط و
الوقت و العمل و روح العطاء و المثابرة انخرط في مجمله في موجة إدمان للفيس بوك و-
طاعون الكونّكسيون – حتّى بات الوباء عامّا لا يخلو منه بيت و لا تنجو منه عائلة ،
بل تعدّى ذلك إلى الكهول بإناثهم و ذكورهم حتّى أنّك تكاد تجزم أنّ نصف الشّعب الكريم
انتقل من الواقع إلى الإفتراضي و انفصل عن محيطه ليرتمي في متاهات و مهاترات
المواقع الإجتماعيّة ، و على رأسها سيّء الذكر الفيس بوك ..
غالبيّة عظمى من الشّعب انقلب ليلها إلى نهار و نهارها إلى ليل
، انعدم التواصل الفعلي في ما بينها ، تعطّلت المصالح و الأعمال ، همّشت الثقافة و
انحدرت مستويات الدراسة و ضاعت كثير من الحميميّات داخل الأسر ، بل غاب كثير من
الأشخاص أصلا عن دنياهم إلاّ للضرورات الشّخصيّة و الذّاتيّة .
أينما حللت و أينما ذهبت و أينما أجلت بصرك في
البيوت ، في المقاهي ، في الحدائق ، في وسائل النّقل و حتّى أمام المعاهد و الكليّات
لا ترى إلاّ أشباحا تتأبّط هواتف أو – تابلاتات- شاخصة أبصارها لا تلوي على شيء و
لا تهتمّ بأيّ شيء غير معالجة لوحة الكتابة ....أكثرها تائهة في العالم الإفتراضي
تشاكس أوهاما أو تحادث أسماء مستعارة ، تفضفض و تهذي في شأن و في غيرشأن ، تحرّكهم
العبثيّة و الفرار من واقعهم الذي لا يعجب أكثرهم و لا يستجيب لطموحاتهم .
و مــا بقي من هذا العالم – المجنون- يعمره عالم
البورطابل و بليّة وإغراءات شركات الإتّصال التي بجشعها عمّقت الجرح و زادت ، تخفيضات
و – بونيسات- آخر الأسبوع و أخرى ليليّة
أقضّت مضاجع شبابنا و أذهبت النوم عن جفونه ليبيت ساهرا ثمّ يصبح غاطّا في نوم
عميق فلا هو أقام ليله في نفع دنيا أو آخرة و لا هو أصلح صباحه في طلب علم أو رزق
!!
أعرف أنّ المصيبة عامّة و المُصاب ( شباب الأمّة
) جَلل , و أنّ التيّار جارف و جشع أباطرة المال كبير و وسخُ أجندات الهدم و
الإفساد على أشدّها ، لكـــــن لابدّ من مقاومة هذه المصائب التي استفحلت و صارت
من عاداتنا السّيئة و لابدّ من تنوير الشّباب و تعويده على حسن استعمال هذه
التكنولوجيات في الصالح الخاصّ و العامّ و إدراك سلبيّات هذه العوائد المدمّرة
عاجلا أو آجلا ..
هناك تعليق واحد:
هذا ما جنيناه من حضارة ابهرنا لمعانها و انخرطنا فيها استهلاكا بينما غيرنا ينتج و يصنّع
إرسال تعليق