الاثنين، 28 أبريل 2014

من كرْبل السّياحة ، لماذا لا يكربل الفلاحة



من كرْبل السّياحة ، لماذا لا يكربل الفلاحة  بقلم / منجي باكير     قد تكون السّياحة رافدا من روافد المال ، و قد تشكّل بابا لإضفاء بعض الحركيّة في السّوق الإقتصاديّة ،،، لكن ما يعرفه الخبراء و يقدّره العارفون بأنّ هذه النّشوة الإقتصاديّة لها سلبيّات و مضارّ ذلك أكثر من المنافع ،،،،  و لهذا سعت كثير من الدّول التي لها باع في السّياحة إلى خلق مشاريع موازية و خططا بديلة ، ذلك لأنّ السّياحة ترتبط بكثير من العوامل كالوضع الإقتصادي العالمي و حالة الأمن و الإستقرار الدّاخلي للبلدان المضيفة و الحروب و غيرها .  و لقد دأبت تونس منذ الإستقلال على الترويج للسياحة و العزف على أوتار الضرورات الإقتصاديّة و حاجة البلاد لتوفير العملة الصّعبة و غير ذلك من الحجج ، لكن منذ الإستقلال أيضا  بقي الحال على ما هو عليه لوضعنا الإقتصادي الذي لم يشهد ( الطفرة ) الموعودة و التي يبشّر لها دوما المسوّقين للسياحة .  فالسياحة التونسيّة أوّلا ساهمت في تكريس تقسيم البلاد تنمويّا ، لتزدهر سواحل البلاد و تنفصل عن عمقها وينحصر اهتمام الحكومات المتعاقبة على – تونس السّياحيّة – و يبقى داخل البلاد يعاني التهميش و الفقر و البطالة و الضّياع .  السياحة ساهمت أيضا في الإختلال الديموغرافي و هجرة الشباب من مواطنهم إلى أضواء المدن السّياحيّة ليحدث الفراغ في الدّاخل و رفض العمل الفلاحي مقابل بطالة تتزايد داخل المدن تدفع حتما إلى تغذية عالم الجريمة بكلّ انواعها .  و الأهم أنّ النّصيب الأوفر من عائدات السياحة حتما يستقرّ في جيوب أباطرة رأس المال ، و لا تنتفع البلاد إلا بنزر قليل مقابل توفير بنية تحتيّة و خدمات من الطراز الرفيع ( لْعيون السوّاح ) لا تتوفّر لكثير من المناطق ، و قد يتبخّر هذا النّزر مع الإمتيازات و التهرّبات الجبائيّة ..  السّياحة كرّست النفور لدى الشّباب من كلّ الأعمال اليدويّة و صرفت الطاقات الشّابة عن الخلق و الإبتكار و أغلقت كل العقول الطامحة إلى ثروة طائلة تأتي مع إحدى العجائز التي تجود بها رياح السّياحة ..!  هذه هي السياحة في تونس و هذا ما جنيناه منها طيلة العقود الماضية و لن نجني أكثر من هذا ، بلاد اختصروها في عنوان خاسر طيلة عقود من الزّمن ، فخسرت العقول و السّواعد و أهملت باقي المقدّرات و على رأسها الفلاحة ..  لنا من الأراضي ما ينبت ( ذهبا ) و لنا من المياه ما يكفي لذلك و العوامل المناخيّة أكثر من مساعدة ، كما أنّه لنا من السّواعد المحالة قسرا على البطالة أكثر و أكثر ،، فقط تنقصنا الإرادة السّياسيّة التي أهملت طيلة العقود الماضية و لازالت كلّ اهتمام بالفلاحة بكلّ قطاعاتها ، و استهانت بالحوافز للإشتغال بها ، و لم توليها المكانة التي تجب في مخطّطات التنمية ، و لم ترصد ما يشجع على إحيا ء الأراضي و استصلاحها ، حتى غدت الأراضي الخصبة و الصّالحة بوارا و جفّت الينابيع الطبيعيّة و صعب استجلاب المياه من باطن الأرض ،، و لم يبق قائما من الفلاحة إلاّ بعض الغراسات و المنابت ذات المردود الربحي السّريع لا تفي بالإكتفاء و لا تكوّن رصيدا فلاحيا مستقبليّا واعدا ...  فهلاّ انتبهت الحكومات اللاّحقة لهذا الخور ، و هلاّ تداركت ما ينتظرنا و الأجيال التي تلينا جرّاء هذا الإهمال المتعمّد للقطاع الفلاحي من احتياج كليّ للإستيراد و من مزيد الإرتباط و الإرتهان للخارج ؟   هل تبادر ب( كربلة ) الفلاحة كما فعلت مع السياحة و صنعت معها ما تصنعه مع النّشاط السياحي و جعلت على رأس وزارتها من يفقه واقعها و جنّدت لها ما تجنّده من دعم و دراسات و بنى لوجستيّة و غيرها من المتطلّبات ؟؟؟  هذا ما ترجوه ( الوطنيّة ) وحبّ هذه البلاد و ما يدعوه واجب خدمة الصّالح العام .





من كرْبل السّياحة ، لماذا لا يكربل الفلاحة
بقلم / منجي باكير

قد تكون السّياحة رافدا من روافد المال ، و قد تشكّل بابا لإضفاء بعض الحركيّة في السّوق الإقتصاديّة ،،، لكن ما يعرفه الخبراء و يقدّره العارفون بأنّ هذه النّشوة الإقتصاديّة لها سلبيّات و مضارّ ذلك أكثر من المنافع ،،،،
و لهذا سعت كثير من الدّول التي لها باع في السّياحة إلى خلق مشاريع موازية و خططا بديلة ، ذلك لأنّ السّياحة ترتبط بكثير من العوامل كالوضع الإقتصادي العالمي و حالة الأمن و الإستقرار الدّاخلي للبلدان المضيفة و الحروب و غيرها .
و لقد دأبت تونس منذ الإستقلال على الترويج للسياحة و العزف على أوتار الضرورات الإقتصاديّة و حاجة البلاد لتوفير العملة الصّعبة و غير ذلك من الحجج ، لكن منذ الإستقلال أيضا  بقي الحال على ما هو عليه لوضعنا الإقتصادي الذي لم يشهد ( الطفرة ) الموعودة و التي يبشّر لها دوما المسوّقين للسياحة .
فالسياحة التونسيّة أوّلا ساهمت في تكريس تقسيم البلاد تنمويّا ، لتزدهر سواحل البلاد و تنفصل عن عمقها وينحصر اهتمام الحكومات المتعاقبة على – تونس السّياحيّة – و يبقى داخل البلاد يعاني التهميش و الفقر و البطالة و الضّياع .
السياحة ساهمت أيضا في الإختلال الديموغرافي و هجرة الشباب من مواطنهم إلى أضواء المدن السّياحيّة ليحدث الفراغ في الدّاخل و رفض العمل الفلاحي مقابل بطالة تتزايد داخل المدن تدفع حتما إلى تغذية عالم الجريمة بكلّ انواعها .
و الأهم أنّ النّصيب الأوفر من عائدات السياحة حتما يستقرّ في جيوب أباطرة رأس المال ، و لا تنتفع البلاد إلا بنزر قليل مقابل توفير بنية تحتيّة و خدمات من الطراز الرفيع ( لْعيون السوّاح ) لا تتوفّر لكثير من المناطق ، و قد يتبخّر هذا النّزر مع الإمتيازات و التهرّبات الجبائيّة ..
السّياحة كرّست النفور لدى الشّباب من كلّ الأعمال اليدويّة و صرفت الطاقات الشّابة عن الخلق و الإبتكار و أغلقت كل العقول الطامحة إلى ثروة طائلة تأتي مع إحدى العجائز التي تجود بها رياح السّياحة ..!
هذه هي السياحة في تونس و هذا ما جنيناه منها طيلة العقود الماضية و لن نجني أكثر من هذا ، بلاد اختصروها في عنوان خاسر طيلة عقود من الزّمن ، فخسرت العقول و السّواعد و أهملت باقي المقدّرات و على رأسها الفلاحة ..
لنا من الأراضي ما ينبت ( ذهبا ) و لنا من المياه ما يكفي لذلك و العوامل المناخيّة أكثر من مساعدة ، كما أنّه لنا من السّواعد المحالة قسرا على البطالة أكثر و أكثر ،، فقط تنقصنا الإرادة السّياسيّة التي أهملت طيلة العقود الماضية و لازالت كلّ اهتمام بالفلاحة بكلّ قطاعاتها ، و استهانت بالحوافز للإشتغال بها ، و لم توليها المكانة التي تجب في مخطّطات التنمية ، و لم ترصد ما يشجع على إحيا ء الأراضي و استصلاحها ، حتى غدت الأراضي الخصبة و الصّالحة بوارا و جفّت الينابيع الطبيعيّة و صعب استجلاب المياه من باطن الأرض ،، و لم يبق قائما من الفلاحة إلاّ بعض الغراسات و المنابت ذات المردود الربحي السّريع لا تفي بالإكتفاء و لا تكوّن رصيدا فلاحيا مستقبليّا واعدا ...
فهلاّ انتبهت الحكومات اللاّحقة لهذا الخور ، و هلاّ تداركت ما ينتظرنا و الأجيال التي تلينا جرّاء هذا الإهمال المتعمّد للقطاع الفلاحي من احتياج كليّ للإستيراد و من مزيد الإرتباط و الإرتهان للخارج ؟ 
هل تبادر ب( كربلة ) الفلاحة كما فعلت مع السياحة و صنعت معها ما تصنعه مع النّشاط السياحي و جعلت على رأس وزارتها من يفقه واقعها و جنّدت لها ما تجنّده من دعم و دراسات و بنى لوجستيّة و غيرها من المتطلّبات ؟؟؟
هذا ما ترجوه ( الوطنيّة ) وحبّ هذه البلاد و ما يدعوه واجب خدمة الصّالح العام .



ليست هناك تعليقات: