الجمعة، 3 يناير 2014

في الذكرى 522 لسقوط أندلس العرب و المسلمين

  الأندلس هي ليست بمكان ولا زمان, بل هي تجربة حضارية إنسانية بلمسات إسلاميّة لا مثيل لها استمرت تنير ظلمات العالم زهاء الثمانية قرون من الزمن. وفي الذكرى الـ خمسمائة و عشرون لسقوطها دعونا نحاول المرور -دون إطالة- على الخطوط العريضة،  و نختصر الحكاية .. حكاية الأندلس     -  كانت الأندلس تحت حكم الإمبراطورية الرومانية، ثم احتلتها قبائل إسكندنافية تُدعى الفاندال, فسميت الأرض فندالوسيا, ثم أندلوسيا, ثم الأندلس عند المسلمين.  في عام 710م وفي عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك جهز والي شمال إفريقيا موسى بن نصير جيشًا بقيادة طارق بن زياد لفتح الأندلس. عبر طارق المضيق -الذي سمي باسمه لاحقًا- على رأس سبعة آلاف رجل، وهزموا جيشًا للقوط في جنوب الأندلس. ثم توجه لطارق بن زياد ملك القوط لذريق على رأس جيش جرار، ودارت معركة حامية في مكان يُعرف بوادي برباط، انتصر فيها المسلمون وكسروا شوكة القوط في هذه البلاد نهائيًّا.  استمر طارق بن زياد في التوغل إلى عمق الأندلس حتى فتح إشبيلية وطليطلة، وانضم له بعد ذلك موسى بن نصير على رأس جيش آخر حتى فتحوا معًا كل ما يُعرف الآن بإسبانيا والبرتغال في عام 713م.  انتشر الإسلام في الأندلس بعد فتحها سنة 92هـ، وأقام المسلمون فيها دولة استمرت ثمانية قرون، وقد أصبحت هذه الدولة في (300-350هـ/ 912-961م) من أكثر دول العالم علمًا وتحضرًا ومدنية ورقيًا وقوة وتقدمًا، وعاش بها المسلمون في رغد من العيش؛ حيث الأرض الخصبة، والمياه العذبة، والجنان الخضرة، والمناخ المعتدل، وقد عبر عن ذلك أحد شعرائهم فقال:  يا أهـل أندلـس للـه دركـمُ *** ماء وظل وأنهار وأشجـارُ ما جنـةُ الخلدِ إلا فـي دياركـمُ *** ولو تخيرتُ هذا كنتُ أختارُ لا تحسبوا في غدِ أن تدخلوا سقرًا *** فليس تُدخلُ بعد الجنـةِ النارُ  وكان أبناء الأثرياء في أوربا يتوجهون للدراسة في مدارسها وجامعاتها، وعندما يعودون إلى بلدانهم يفخرون بأنهم تتلمذوا على أيدي علمائها العرب المسلمين، ويتعمدون استعمال كلمات عربية حتى يقال: إنهم متعلمون مثقفون. وكان ملوك وأمراء الممالك النصرانية في شمال إسبانيا يستنجدون بحكام الأندلس في صراعاتهم على الحكم، فتتدخل الجيوش الإسلامية، وتغيِّر واقعهم السياسي، مقابل حصون وأراضٍ يتنازل عنها من تمت مساعدته، مثلما تفعل أمريكا اليوم.  ثم ضعفت دولة المسلمين في الأندلس، وتقلصت تدريجيًّا حتى انحصرت في مملكة غرناطة، ثم سقطت سنة 1492م، بتوقيع آخر ملوكها أبي عبد الله الصغير معاهدة استسلام مهينة مع الملكين الكاثوليكيين فرديناند وإيزابيلا، ثم قضى على الوجود الإسلامي في الأندلس نهائيًّا؛ بسبب محاكم التفتيش التي كانت تحرق كل من يثبت أنه لا يزال مسلمًا.  والسؤال المهم الذي ينبغي الإجابة عنه هو: لماذا سقطت الأندلس وقضي على الوجود الإسلامي فيها بعد ذلك العز والتمكين؟  وأختصر الإجابة عن هذا السؤال بالنقاط الموجزة الآتية: أولاً: الانحراف عن شرع الله تعالى ومنهجه الإسلامي الصحيح؛ فقد شاع فيها شرب الخمر، حتى إنه لم تُقَم الحدود على شاربيه، كما انتشر اللهو والغناء والطرب والموسيقى والجواري، وكان الأمراء يتنافسون في تقريب المغنين والمغنيات، ويبنون لهم قصورًا قرب قصورهم، ويقيمون لهم المدارس لتعليم الغناء والموسيقى، في الوقت الذي كانت فيه المدن الأندلسية تتساقط وأهلها يُقتلون، ونساؤها يُسبين.  ثانيًا: الترف: أصاب الترف أهل الأندلس وحكامها، فبالغوا في الإنفاق على المسكن والملبس والمأكل، وشغلهم ذلك عن الدفاع عن أرضهم وعرضهم، فهانوا على عدوهم. ويؤكد ابن خلدون أن الترف من أهم أسباب سقوط الدول؛ لأنه يؤدي إلى حب الدنيا والتمسك بالحياة، والعزوف عن الجهاد، ومن يحرص على الحياة لا يدافع عن أرض أو عرض أو دين أو كرامة، فتضيع أرضه وتسقط دولته.  يُروى أن ألفونسو ملك الأسبان أنه قال لرسول ابن عباد إليه: "كيف أترك قومًا مجَّانين، تَسَمّى كلُّ واحدٍ منهم باسم خلفائهم وملوكهم وأمرائهم المعتضد والمعتمد والمعتصم والمتوكل والمستعين والمقتدر والأمين والمأمون، وكل واحد منهم لا يَسُلُّ في الذّبِّ عن نفسه سيفًا، ولا يرفع عن رعيته ضيمًا ولا حيفًا، قد أظهروا الفسوق والعصيان واعتكفوا على المغاني والعيدان؟". ويُروى أن وزيرًا دخل على أحد ملوك الطوائف فوجده حزينًا مغضبًا، فظنَّ أنه غاضب بسبب ما حلَّ بالدويلة المسلمة المجاورة له التي احتلها النصارى فقتلوا رجالها وسبوا نساءها، فقال له: ليس ذلك ما يغضبني، بل المهندس المكلف ببناء قصري الذي لا يلتزم بأمري.  ثالثًا: موالاة أعداء الأمة من الصليبيين، وإحسان الظن بهم؛ فقد أقام حكام الأندلس في عهد الطوائف علاقات حسنة مع الصليبيين، وجاملوهم واستعانوا بهم بعضهم على بعض، ووثقوا بعهودهم. والأمثلة على ذلك كثيرة نذكر منها: أن ابن رزين حسام الدولة صاحب شنتمرية حمل الهدايا النفيسة وتوجه بها إلى الملك الإسباني ألفونسو ليهنئه على احتلاله لطليطلة، فجازاه ألفونسو بإعطائه قردًا؛ احتقارًا له، لكن حسام الدولة عدَّ ذلك مفخرة له.  رابعًا: التنازع بين المسلمين على الدنيا؛ حيث دبَّ النزاع بين مسلمي الأندلس على الدنيا منذ وقت مبكر، فتنازع العرب والبربر، وتنازع اليمانية والقيسية، وتنازع الأشقاء والأقارب على المناصب، وقد أضعف ذلك الصف الإسلامي، وأريقت دماء غزيرة، وقتل من المسلمين في صراعهم الداخلي أضعاف أضعاف ما خسروه في فتح الأندلس وفي صد هجمات النصارى عليها. وكانت أسباب هذه النزاعات دائمًا تافهة؛ فمثلاً وقعت فتنة مدمرة بين اليمانية والقيسية سنة 207هـ في عهد عبد الرحمن الأوسط، سببها أن مضريًّا انتزع ورقة دالية من جنان يماني فقتله اليماني، واستمرت الفتنة التي حاولت السلطة إخمادها سبع سنوات، وسقط فيها آلاف القتلى من المسلمين.  خامسًا: تقاعس كثير من العلماء عن دورهم الدعوي والجهادي والإصلاحي؛ فقد اشتغل كثير منهم في المسائل الخلافية، ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر، بل إن كثيرًا منهم قد مدحوا الحكام وأثنوا عليهم وتغاضوا عن عيوبهم، وشاركوا في المنكرات، يقول ابن حزم في وصف هؤلاء العلماء: "ولا يغرنكم الفساق والمنتسبون إلى الفقه، اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع، المزينون لأهل الشر شرهم، الناصرون لهم على فسقهم".  وبدلاً من دعوة الناس إلى الجهاد والثبات، نجد أحدهم يدعو الناس إلى مغادرة الأندلس؛ إذ يقول عبد الله بن فرج اليحصبي المشهور بابن العسال بعد سقوط طليطلة في يد النصارى سنة 475هـ:  يا أهل أندلس حثـوا مَطيَّكــُمُ *** فما المقام بها إلا مـن الغلــطِ الثوب يُنسلُ من أطرافـه وأرى *** ثوب الجزيرة منسولاً من الوسـطِ ونحن بيـن عـدو لا يفارقنـا *** كيف الحياة مع الحيات في سفـطِ  تلكم بعض أهم أسباب سقوط الأندلس،،،، و تتشابه الظروف و الملابسات في كثير من الأحداث و المستجدّات التي انتهت إلى ضياع كثير من رقاع الوطن الكبير ، ضياع فلسطين ، العراق ، الصومال ، السّودان و غيرها ،،،، وعلى من يريد أن يحفظ نفسه أو حزبه أو دولته من السقوط أن يعيها، ويتجنب كل أسباب السقوط و أن يحافظ على عهده مع الله ثمّ الأمّة و الشّعوب .  كما يجب على أفراد الأمّة أن يسعوا لإيجاد الأسباب و المسبّات (على قدر ما يستطيعون ) للتعجيل بلمّ شتاة الأمّة و ذلك بكشف و تحطيم مخططات الأعداء ، الإصلاح الذّاتي ، العمل على الإرتقاء الفكري و الصّناعي و التكنولوجي ، استصلاح التاريخ الذي سطّره المستشرقون و من عاضدهم في تزييف هذا التاريخ ، ترشيد الإستهلاك الفردي و الجماعي و السّير به نحو استقلاليّته عن الغزو الغربي و الإرتباط العضوي بالمجموعات الإقتصاديّة الغربيّة و أخطبوط البنك العالمي و ما شابهه .  حتّى لا ننسى يـــــــــــــــــــا أمّـــة الإسلام !!  ***  عناوين في الزّمن الجميل  مشابهة :  عــــاجل أنغولا تحظر الإسلام و تهدم المساجد  بورما حملة تطهير ضدّ أقلّية الروهينيجيا  التدخّل في مالي : حرب فرنسا الخاسرة ضد المشروع الإسلامي  ***



الأندلس هي ليست بمكان ولا زمان, بل هي تجربة حضارية إنسانية بلمسات إسلاميّة لا مثيل لها استمرت تنير ظلمات العالم زهاء الثمانية قرون من الزمن. وفي الذكرى الـ خمسمائة و عشرون لسقوطها دعونا نحاول المرور -دون إطالة- على الخطوط العريضة،
و نختصر الحكاية .. حكاية الأندلس
 
-
كانت الأندلس تحت حكم الإمبراطورية الرومانية، ثم احتلتها قبائل إسكندنافية تُدعى الفاندال, فسميت الأرض فندالوسيا, ثم أندلوسيا, ثم الأندلس عند المسلمين.
في عام 710م وفي عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك جهز والي شمال إفريقيا موسى بن نصير جيشًا بقيادة طارق بن زياد لفتح الأندلس. عبر طارق المضيق -الذي سمي باسمه لاحقًا- على رأس سبعة آلاف رجل، وهزموا جيشًا للقوط في جنوب الأندلس. ثم توجه لطارق بن زياد ملك القوط لذريق على رأس جيش جرار، ودارت معركة حامية في مكان يُعرف بوادي برباط، انتصر فيها المسلمون وكسروا شوكة القوط في هذه البلاد نهائيًّا.
استمر طارق بن زياد في التوغل إلى عمق الأندلس حتى فتح إشبيلية وطليطلة، وانضم له بعد ذلك موسى بن نصير على رأس جيش آخر حتى فتحوا معًا كل ما يُعرف الآن بإسبانيا والبرتغال في عام 713م.
انتشر الإسلام في الأندلس بعد فتحها سنة 92هـ، وأقام المسلمون فيها دولة استمرت ثمانية قرون، وقد أصبحت هذه الدولة في (300-350هـ/ 912-961م) من أكثر دول العالم علمًا وتحضرًا ومدنية ورقيًا وقوة وتقدمًا، وعاش بها المسلمون في رغد من العيش؛ حيث الأرض الخصبة، والمياه العذبة، والجنان الخضرة، والمناخ المعتدل، وقد عبر عن ذلك أحد شعرائهم فقال:

يا أهـل أندلـس للـه دركـمُ *** ماء وظل وأنهار وأشجـارُ
ما جنـةُ الخلدِ إلا فـي دياركـمُ *** ولو تخيرتُ هذا كنتُ أختارُ
لا تحسبوا في غدِ أن تدخلوا سقرًا *** فليس تُدخلُ بعد الجنـةِ النارُ

وكان أبناء الأثرياء في أوربا يتوجهون للدراسة في مدارسها وجامعاتها، وعندما يعودون إلى بلدانهم يفخرون بأنهم تتلمذوا على أيدي علمائها العرب المسلمين، ويتعمدون استعمال كلمات عربية حتى يقال: إنهم متعلمون مثقفون. وكان ملوك وأمراء الممالك النصرانية في شمال إسبانيا يستنجدون بحكام الأندلس في صراعاتهم على الحكم، فتتدخل الجيوش الإسلامية، وتغيِّر واقعهم السياسي، مقابل حصون وأراضٍ يتنازل عنها من تمت مساعدته، مثلما تفعل أمريكا اليوم.
ثم ضعفت دولة المسلمين في الأندلس، وتقلصت تدريجيًّا حتى انحصرت في مملكة غرناطة، ثم سقطت سنة 1492م، بتوقيع آخر ملوكها أبي عبد الله الصغير معاهدة استسلام مهينة مع الملكين الكاثوليكيين فرديناند وإيزابيلا، ثم قضى على الوجود الإسلامي في الأندلس نهائيًّا؛ بسبب محاكم التفتيش التي كانت تحرق كل من يثبت أنه لا يزال مسلمًا.
والسؤال المهم الذي ينبغي الإجابة عنه هو: لماذا سقطت الأندلس وقضي على الوجود الإسلامي فيها بعد ذلك العز والتمكين؟
وأختصر الإجابة عن هذا السؤال بالنقاط الموجزة الآتية:
أولاً: الانحراف عن شرع الله تعالى ومنهجه الإسلامي الصحيح؛ فقد شاع فيها شرب الخمر، حتى إنه لم تُقَم الحدود على شاربيه، كما انتشر اللهو والغناء والطرب والموسيقى والجواري، وكان الأمراء يتنافسون في تقريب المغنين والمغنيات، ويبنون لهم قصورًا قرب قصورهم، ويقيمون لهم المدارس لتعليم الغناء والموسيقى، في الوقت الذي كانت فيه المدن الأندلسية تتساقط وأهلها يُقتلون، ونساؤها يُسبين.
ثانيًا: الترف: أصاب الترف أهل الأندلس وحكامها، فبالغوا في الإنفاق على المسكن والملبس والمأكل، وشغلهم ذلك عن الدفاع عن أرضهم وعرضهم، فهانوا على عدوهم. ويؤكد ابن خلدون أن الترف من أهم أسباب سقوط الدول؛ لأنه يؤدي إلى حب الدنيا والتمسك بالحياة، والعزوف عن الجهاد، ومن يحرص على الحياة لا يدافع عن أرض أو عرض أو دين أو كرامة، فتضيع أرضه وتسقط دولته.
يُروى أن ألفونسو ملك الأسبان أنه قال لرسول ابن عباد إليه: "كيف أترك قومًا مجَّانين، تَسَمّى كلُّ واحدٍ منهم باسم خلفائهم وملوكهم وأمرائهم المعتضد والمعتمد والمعتصم والمتوكل والمستعين والمقتدر والأمين والمأمون، وكل واحد منهم لا يَسُلُّ في الذّبِّ عن نفسه سيفًا، ولا يرفع عن رعيته ضيمًا ولا حيفًا، قد أظهروا الفسوق والعصيان واعتكفوا على المغاني والعيدان؟". ويُروى أن وزيرًا دخل على أحد ملوك الطوائف فوجده حزينًا مغضبًا، فظنَّ أنه غاضب بسبب ما حلَّ بالدويلة المسلمة المجاورة له التي احتلها النصارى فقتلوا رجالها وسبوا نساءها، فقال له: ليس ذلك ما يغضبني، بل المهندس المكلف ببناء قصري الذي لا يلتزم بأمري.
ثالثًا: موالاة أعداء الأمة من الصليبيين، وإحسان الظن بهم؛ فقد أقام حكام الأندلس في عهد الطوائف علاقات حسنة مع الصليبيين، وجاملوهم واستعانوا بهم بعضهم على بعض، ووثقوا بعهودهم. والأمثلة على ذلك كثيرة نذكر منها: أن ابن رزين حسام الدولة صاحب شنتمرية حمل الهدايا النفيسة وتوجه بها إلى الملك الإسباني ألفونسو ليهنئه على احتلاله لطليطلة، فجازاه ألفونسو بإعطائه قردًا؛ احتقارًا له، لكن حسام الدولة عدَّ ذلك مفخرة له.
رابعًا: التنازع بين المسلمين على الدنيا؛ حيث دبَّ النزاع بين مسلمي الأندلس على الدنيا منذ وقت مبكر، فتنازع العرب والبربر، وتنازع اليمانية والقيسية، وتنازع الأشقاء والأقارب على المناصب، وقد أضعف ذلك الصف الإسلامي، وأريقت دماء غزيرة، وقتل من المسلمين في صراعهم الداخلي أضعاف أضعاف ما خسروه في فتح الأندلس وفي صد هجمات النصارى عليها. وكانت أسباب هذه النزاعات دائمًا تافهة؛ فمثلاً وقعت فتنة مدمرة بين اليمانية والقيسية سنة 207هـ في عهد عبد الرحمن الأوسط، سببها أن مضريًّا انتزع ورقة دالية من جنان يماني فقتله اليماني، واستمرت الفتنة التي حاولت السلطة إخمادها سبع سنوات، وسقط فيها آلاف القتلى من المسلمين.
خامسًا: تقاعس كثير من العلماء عن دورهم الدعوي والجهادي والإصلاحي؛ فقد اشتغل كثير منهم في المسائل الخلافية، ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر، بل إن كثيرًا منهم قد مدحوا الحكام وأثنوا عليهم وتغاضوا عن عيوبهم، وشاركوا في المنكرات، يقول ابن حزم في وصف هؤلاء العلماء: "ولا يغرنكم الفساق والمنتسبون إلى الفقه، اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع، المزينون لأهل الشر شرهم، الناصرون لهم على فسقهم".
وبدلاً من دعوة الناس إلى الجهاد والثبات، نجد أحدهم يدعو الناس إلى مغادرة الأندلس؛ إذ يقول عبد الله بن فرج اليحصبي المشهور بابن العسال بعد سقوط طليطلة في يد النصارى سنة 475هـ:
يا أهل أندلس حثـوا مَطيَّكــُمُ *** فما المقام بها إلا مـن الغلــطِ
الثوب يُنسلُ من أطرافـه وأرى *** ثوب الجزيرة منسولاً من الوسـطِ
ونحن بيـن عـدو لا يفارقنـا *** كيف الحياة مع الحيات في سفـطِ
تلكم بعض أهم أسباب سقوط الأندلس،،،، و تتشابه الظروف و الملابسات في كثير من الأحداث و المستجدّات التي انتهت إلى ضياع كثير من رقاع الوطن الكبير ، ضياع فلسطين ، العراق ، الصومال ، السّودان و غيرها ،،،، وعلى من يريد أن يحفظ نفسه أو حزبه أو دولته من السقوط أن يعيها، ويتجنب كل أسباب السقوط و أن يحافظ على عهده مع الله ثمّ الأمّة و الشّعوب .
كما يجب على أفراد الأمّة أن يسعوا لإيجاد الأسباب و المسبّات (على قدر ما يستطيعون ) للتعجيل بلمّ شتاة الأمّة و ذلك بكشف و تحطيم مخططات الأعداء ، الإصلاح الذّاتي ، العمل على الإرتقاء الفكري و الصّناعي و التكنولوجي ، استصلاح التاريخ الذي سطّره المستشرقون و من عاضدهم في تزييف هذا التاريخ ، ترشيد الإستهلاك الفردي و الجماعي و السّير به نحو استقلاليّته عن الغزو الغربي و الإرتباط العضوي بالمجموعات الإقتصاديّة الغربيّة و أخطبوط البنك العالمي و ما شابهه .

حتّى لا ننسى يـــــــــــــــــــا أمّـــة الإسلام !!


***
عناوين في الزّمن الجميل  مشابهة :

ليست هناك تعليقات: