لاعتباراتها الإستراتيجيّة ،هل تخون النّهضة
ناخبيها و الوطن ؟
بقلم / منجي بـــاكير
من الثّابت قطعا باعتماد التشخيص العلمي و
استقصاء آراء العمق الشعبي التونسي و استئناسا بنتائج الإنتخابات السّابقة و أحجام
حشود أنصارها في كلّ محفل تدعو له نرى أنّ
حركة النّهضة تبوّأت و مازالت مركز الصّدارة من حيث شعبيّتها و حضورها الشعبي مع
شيء من التحفّظ على مواقفها السياسيّة الأخيرة ،،،
هذا الحضور و التأييد الشعبي لحركة النهضة إنّما
كان في غالبيته فقط لأنّها أقرب الأحزاب النّشطة على السّاحة باعتبار أنّها أقربهم
إلى التعبير عن بعضٍ من مشاغل هذا الشعب و أكثر منه أنّها محلّ ثقته في الحفاظ على
ثوابته في الهويّة و الدّين و إعادة الإعتبار لموروثه الحضاري الذي تنازعته أيادي
التغريبيين و جاهد كثيرا الحكّام السّابقون لاستئصاله و تعويضه بنزْعات التفسّخ و
الإنحلال و زرع ثقافة مَوات الرّوح و الفكر في الأجيال الصّاعدة و اختطافهم بعيدا
عن أصولهم و مراجعهم في الفكر و الدّين و اللّغة و التراث و التاريخ ...
إذا كان للنّهضة ما كان من سبْق في احتواء و
استقطاب عاطفة و عقل السّواد الأعظم من الشعب خصوصا في داخل البلاد و عمقها ،
بخلاف كثير من الأحزاب و التنظيمات التي
راهنت على قوالب الحداثة المحرّفة و
العلمنة المُفرغة و ظهرت في تجمّعات نخبويّة إسقاطيّة الخطاب متغرّبة السلوك و
كذلك مجاهرة في تطرّف فاضح بانتهاك مقدّسات الشعب و الدّوس على قيمه و مبادئه ،،،فكان
نصيبها أن وجدت نفسها تقذّف في الفراغ ولم و لن تجد حولها إلاّ حفنات قليلة
متناثرة غالبا من بعض الأحياء البرجوازيّة
ممّن استهواهم نداء التملّص من الثوابت والضّوابط و رفض القيم الرّوحيّة و
الأخلاقيّة .
لكــــــــــــن هذا النّجاح للنّهضة لم يقدر أن
يخفي تململا –وليدا- يعبّر عن عدم رضاء أحبّاءها و أنصارها و حتّى بعض منتسبيها
الذين كانت لهم الجرأة أن يخرجوا عن دائرة الصّمت و يكسّروا خطوط التحفّظ الحركي ،
هذا التململ الذي بدا بتعبيرات عن عدم رضا و تحوّل في كثير من الأحيان إلى سخَط
قويّ اللّهجة على مااتّصفت به الحركة من ارتعاشات مهينة في نطاق عملها الحكومي
إزاء كلّ الخروقات و التهديدات الصريحة لبعض منتسبي المعارضة و دعاة الإنقلاب على
الشرعيّة و اعتبروا أنّ هذه الأفعال تتجاوز النّهضة إلى عموم الشعب و مؤسّساته
الحكوميّة و مكاسبه الثوريّة بل تُحمل على
أنّها تهديدات تمسّ الأمن العام ككلّ .
أضف إلى هذا مسلسل التنازلات الذي انخرطت فيه
حركة النّهضة في مساراتها التفاوضيّة المتكرّرة مع المعارضة و التي مسّت كثيرا من
جواهر القضايا المصيريّة للشعب و التي استأمنها ناخبوها عليها و على أساسها كانت
في أعلى هرم السّلطة .كما اعتبروا أنّ ما تقوم به النّهضة – و الذي يرجعون الفاعل
فيه أساسا إلى القيادة العليا – هو سياسة انبطاحيّة مفضوحة خصوصا إذا ما قوبل
بالحراك الشّعبي و التحشّدات التي يقوم بها هؤلاء الأنصار و آخرها اعتصام القصبة
الذي كشف جليّا الضعف الفادح في رصيد الإنقلابيين أمام الجموع الغفيرة التي أتت
لمساندة الشرعيّة القائمة و من وراءها حركة النّهضة ذاتها برغم مشاقّ السّفر و جوع
و عطش الشهر الكريم ، و التي من المفروض أن تعتبرها الحركة حائط الإسناد و تستمدّ
منها شحنات الشرعيّة فتتّخذ القرارات الجريئة و تعلن ثباتها على ثوابت الشعب و
تتصرّف بمسؤولية لحماية الإرادة الشعبيّة ...غير أنّ النّهضة تمادت في نفس نهج
التنازلات و غضّ الطرف ممّا زاد من سخط
كثير من الشّعب بل اعتبروه سياسة استراتيجيّة تتعامل بها مع خصومها فقط
لتثبيت وجودها السياسي و الحركي و توطيدا
لبقائها في السلطة و جني مصالح حزبيّة ضيّقة و أنانيّة على حساب طموحات الشعب ...
يبقى الشارع التونسي يعايش هذه الحيرة و الرّيبة
إزاء ما يحصل من أحداث متسارعة و متضاربة لا تخدم كثيرا انتظارات النّاخبين
والأنصار و لا يحدّد أفقا واضحا لمستقبل المشهد السياسي الوطني و لا يبعث على
طمأنينة ،،
فهل وعت قيادات النّهضة بما يجري و هل اتّخذت من
المواقف ما يعزّز ثقة أنصارها و محبّيها فيها حتّى لا تجد نفسها يوما في تسلّل
انتخابي ؟
أم أنّ بقيّة حلقات – استراتيجيّة – النّهضة لم
تكتمل بعد ؟؟؟
هناك 3 تعليقات:
السلام عليكم...
قد أكون متأثرا في تعليقي هنا بما حدث ويحدث عندنا من مواقف شبيهة في مصر.
أظن يا أخي أن هناك خطوطا حمراء يتم فرضها على من يتولى السلطة في بلادنا خطوطا تحمي الفساد والمفسدين وتمنع حدوث عافية حقيقية في المجتمع حتى إذا توفرت الأدوات لتحقيق ذلك، وأظن أن هذه الخطوط الحمراء مرسومة بدقة ومحمية بقوة العسكر ومن يقف خلفهم من القوى الدولية التي لا تسمح ببناء دولة إسلامية قوية أبدا.
راجعت تعليقي فوجدته مبنيا على خلفية أخرى غير الخلفية السياسية المصرية ألا وهي الخلفية الجزائرية، وأظن أن ما يحدث في السودان والمغرب ليس ببعيد، وليس غريبا أن نجد حجم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في بلدان الخليج كونهم قد ابتعدوا تماما عن أي مظهر من مظاهر الإصلاح المبني على مرجعية إسلامية.
إنها الخطوط الحمراء يا سيدي، التي إن تجاوزتها هلكت وإن ابتعدت عنها سلمت، أو هكذا يبدو.
أسأل الله لكم السلامة ولبلادنا النصر على نت كادوا لها.
تقبل تحياتي...
مع انى لاافقه الكثير فى امور السياسه لكنى اتابع الاخباراحزن كثيرا وينتابنى الخوف من ان يكون الربيع العربى لحركات جديده وقوى تعيدنا الى نقطه الصفر اتمنى لتونس ومصر السلامه والوصول الى ما يرضى الشعب ويقوى الوطن ..تحياتى
كثيراً ما حلمنا بالحريه والديمقراطيه لنا ولبلادنا
ولكن ثبت بعد الثوره وحتى الأن أن الحريه والديمقراطيه عند التطبيق صعبه جداً
وربنا يهدينا ويطوع نفوسنا للحريه
ودمت بخير
إرسال تعليق