--
*
الشّريدة ...!
... بَد تْ بوجْه شاحب ، أغبر ، منكوشة الشعر ، منحنية الظّهْر و مشوّشة الهندام . تلتهم سيجارتها في شره و ترتشف سواد قهوتها بنهم لا يقطعه الا زفرات تطلقها أعماقها الكئيبة ..
إنها كائن ككل البشر ،، كان من حقّها أن تمارس الحياة ككل النّاس
و تتلذّذ بمحاسنها و تتذوّق جمالها
لكن كانت الإستثناء
لعبت بها الأيام
و أشقتها الحياة
و دمّرها بنو جنسها ..
و لم تر من الدنيا إلا وجهها العبوس !
إنها امرأة ككل النّساء
لها قلب لكنّه انفطر و تفتّت
لها روح لكنها انكسرت
لها جمال لكنه انطفأ و شاخ
لما نفْسٌ لكنها اضمحلّت وسط متاهات
العناء و الأعباء
لها مشاعر لكنها اصطبغت بألوان الرّماد و اليأس و الإحباط ...
آآآآآآه،،، تلك جملتها الإعتراضية التي تحشرها كلّما لكَنَ لسانها أو خانتها الذاكرة
أو فاضت دموعها و لم تقوى على مواصلة حكاياها
حكاياها التي كثرت بعدد سنين التعاسة
التي اعتنقتها على صغر سنّها
و طالت و امتلات شجننا
حتى فاض الصّدر و ما حوى ...
مسكينة !
هذه المرأة ( الشبح ) صارت تجوب الأزقة و تحمل دولاب أدباشها
فوق ظهرها
ترتاد المقابر لتلتحف العراء و تفترش التراب
و تستأ نس بسكانها علّها تنسى و لو لحين تعب الحياة و ضراوة البشر
تقاوم العراء ، تقاوم الجوع ،تقاوم الفقر وتقاوم تقلّبات الزمان و أحوال الطقس !
تخاف من كل شيء
و تحتاط من كل شيء
وفي النهاية تقع فريسة لكل شيء !
لا تتدري أين تتقاذفها ساعات المساء
إلى أقاصي مقبرة
إلى مراكز البوليس و التحرّي
أو قد تقع بين براثن أشقياء الليل
و سكارى الهزيع الأخير من الليل فتزيد في رصيدها
همّا و غمّ
و تسجّل نقطة أخرى في دفتر الخيبات التي رماها بها بنو جلدتها قسرا و ظلما
و لم يَعي أحد منهم عن دوره في نسج تلك المأساة ....
بقلمي / منجي
بقلمي / منجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق