التّوافق ،،، لكن لنسخ الثورة و استنساخ النظام
القديم
بقلم / منجي بــــاكير
أعاجيب تونس ، أو بالأحرى أعاجيب المشتغلين
في الرّكح السياسي التونسي لا تنتهي ،،
أعاجيب تتواتر بلا مبرّرات و لا تفسيرات ، فقط هي تمرّ لتترك المتابع و حتّى
الضالعين في التحليلات السياسيّة فاغري الأفواه و فاقدي حبْل المعقول ،،
بالأمس ، و الأمس القريب كانت كلّ الحراب موجّهة
إلى سياسات الحكومة التي كان يديرها السيّد علي العريّض ، حراب تطعن بكلّ قوّة وفي
كلّ الإتّجاهات و أصوات تحقّر و تقزّم كل الجهود ،، اجتمعت تقريبا كلّ أجندات صفّ
المعارضة و أدعياء الإعلام الرديء على نكران أيّ إيجابيّة يمكن أنّها تحقّقت بمساعي
حكومة العريّض و خلال فترة توليه منصب رئاسة الحكومة .
و في لحظة فارقة ، و بنجاح
الإنقلاب النّاعم الرّباعي الدّفع الذي انتهى بخروج النّهضة من دوائر القرار
المباشر و تشكيل ((حكومة دعائيّة )) استمدّت شرعيّتها من أروقة السّفارات و رموز
الردّة و قادة الإنقلاب ،،، انقلبت الأمور إلى ضدّها بالضّبط لتتشكّل صورة معاكسة
لما كان بالأمس ..!
طبعا هذا لا يحصل إلاّ
في تونس و ببركات الخيوط التي تحرّك- ماريونات - اللّعبة السّياسيّة الذين في وقت
قياسي أفرجوا عن الدفعة الثانية من قرض طالما تباكى عليه الكثير و أنكروا حصوله و
تداعياته الوخيمة آجلا و عاجلا ،كما انتفض العجز المزمن للدّينار التونسي و أحدث
مفاجأة الصّعود الملحوظ في سوق البورصة ،،، تنهال التهاني و التبريكات من كلّ صوب و حدب ،
تحصل زيارة إلى ( الشقيقة الكبرى ) الجزائر بوفد حكومي مازال لم يجلس على كراسي
الوزارة و لم يجري بينهم تعارف و تواصل كامل ،،
تدرج استطلاعات للرأي
ترتفع فيها أسهم رئيس حكومة – التوافق – الذي لم يتبيّن بعدُ فعله السّياسي و لم
يحرّك بعد ساكنا ... و ربّما هناك من المغالين من لامس مناشدته لرئاسة البلاد ..
الإعلان عن اكتمال
دستور طغى عليه طابع التلفيقات و قنّنت فصوله المقايضات و المصالح الحزبيّة ،
دستور لم يرتقي إلى آمال الشعب و ثورته بل تجاوز ثوابتا كانت في حكم البداهة ،
دستور جاء ليرضي الأجندات الخارجية و يهمل شريعة و تعاليم دين الشّعب .
تزداد وتيرة الأحداث و
تكشف عن الأغرب ، ليحصل رفع حجز السّفر عن الكمالين مرجان ثمّ اللّطيّف – العقْدة
/ الإنفراج – ليزامن هذا محاصرةُ ثمّ قتل القضقاضي و جماعته في سيناريو لم يقدر لا
وزير الدّاخليّة و لا معاونيه في إضفاء صدقيّة له و لا حتّى في إيجاد شبه إقناع ..
بين هذا وذاك و في مسار غير بعيد عن هذه الدائرة
الرسميّة يشهد حزب نداء تونس المعارض جملة من الإهتزازات المفتعلة لتقلب موازين
القوى في داخله و تعيد ترتيب أوراق شاغليه و منتسبيه ، ترتيب جعل رموز التجمّع
القديم في الصّدارة و في تمام الجاهزيّة ..و بروز تململ في بعض الأحزاب الأخرى ...
الإتحاد النّسائي و الذي هو من المفروض محسوب
على تركة النظام المدحور و أحد أركانه التي ذهبت بها رياح الثورة ، فجأة ينقلب إلى
ضحيّة تستدرّ العطف و و ينال التكريم بمائة ألف دينار من المال العامّ ..
تخرج تسريبات في شكل تخميرات مقصودة تشير إلى
أنّ بن علي الجنرال الهارب ( حرقه الحليب ) على تونس و هو مستعدّ للتضحية بحريّته
و البقاء في الإقامة الجبريّة في سبيل الرجوع إلى أرض الوطن و شمّ ريحة البلاد !!
كلّ هذه السيناريوهات المتعاقبة و المتسارعة
حصلت فقط ببركات هذا التّوافق التي معها تبدّلت الأحوال و ازدهر الدينار و بدأ
الإعلام يسوّق للإنجازات و يتغاضى عن السّلبيات القائمة ، لتتبدّل صورة تونس من
السّواد القاتم إلى البياض النّاصع المؤهّل للإنفتاح على السياحة و رأس المال
الغربي بكلّ أنواعه ...
توافق حصل أو وقع فرضه أو كان ترجمة ناعمة
لانقلاب واضح المعالم برغم ما حاول منتجوه إضفاء السريّة و الشرعية اللّقيطة عليه
،، توافق يثير كثيرا من التساؤلات عند رجل
الشّارع قبل أيّ خبير ضالع في التحليل و التشخيص ..
توافق يثير الرّيبة و يبعث درجة عالية من القلق
حول مستقبل تونس و ما يخطّط لها في مطابخ السّياسة العالميّة و المحلّيّة ، إحدى
فرضيّاته التي تطفو على سطح الأحداث هي وأد ثورة الشّعب و نسخها و قبر مكتسباتها و مستحقّاتها
و (ركْل )الإرادة الشّعبيّة خارج مضمار
المشهد السّياسي للإنفراد بتفصيل مستقبل البلاد و العباد بعيدا عن كلّ شعارات
الديمقراطيّة و تمثيليّة الشّعب ....و استنساخ المنظومة القديمة لتسليم عهدتها إلى
من أحيا جثثهم – تراخي – حكومات ما بعد
الثورة و سياساتها المرتعشة ...
--****----///
هناك تعليقان (2):
مؤلم حال أوطاننا جميعها بعد الثروة :(
عبير علاو
اهلا عبير ،،، الزمن الجميل يشكوك طول الغياب هههه
تقديري لجميل الإحساس بواقع الأمّة
إرسال تعليق