الثلاثاء، 4 أغسطس 2015

بورقيبة ، رجلهم الأوحد حيّا و ميّتا Bourguiba Tunisie

بورقيبة ، رجلهم الأوحد حيّا و ميّتا  منجي بـــاكير / كاتب صحفي   بورقيبة ، هذا الرّجل الذي نحت إسمه في حقبة من تاريخ تونس الحديثة ، بورقيبة الذي امتاز بكاريزما اختفى  معها – قسْرا - كلّ حضور آخر ، بورقيبة الذي سعى جاهدا و بمساعدة كثير من المتمعشين من بلاط قرطاج و الخانعين لسطوة دكتاتوريته و الممتثلين طوعا و كرها لسياسته  من شاغلي المشهد الإعلامي الوحيد آنذاك و الخادمين عماءً وطمعا و  جهلا لتنظيرات ((الزّعيم)) من أنصار الحزب الحاكم الأوحد ، بورقيبة الذي ساعدته ظروف الجهل و الأميّة و التأخّر الإجتماعي و الإقتصادي لشعب رزح تحت ظلم الإستخراب الفرنسي و جبروته و من قبله سياسات البايات العقيمة و المفقرة ، و جد البيئة المناسبة و الحاضنة المساعدة لخلق ( أسطورة ) الزعامة و الصعود إلى أعلى هرم السّلطة بسلاسة تغذّيها  حنكة و دهاء سياسي و  يسندها بطش سلطوي بمرجعيّة واحدة  و وحيدة  ، يقابله ضعف و خوف  و رعب عند كلّ من حاول الوقوف في طريق الرّجل أو حتّى  حدّثته نفسه بمجاورة شخصيّته و محاكاتها بعد ما اعتبر( الكلّ )  من مصير الذين سبقوهم في سلوك هذا النّهج  أو معارضة – توجيهات الرئيس و التاريخ لم يجفّ حبره بعد ... -. هذا ما كان عليه بورقيبة ، يدفعه شغف التميّز و نرجسيّة جامحة  لتحقيق أحلامه التي كانت تراوده للإمساك بدفّة القيادة في عالم السياسة سواء التونسي أو العربي أو حتّى العالمي و هو ما لم يوفّق فيهما كما كان يحلم .   لكن هناك ما يُحسب للرّجل أنّه كان يمتاز بحسّ وطني تولّد أساسا من رغباته التي تتوق إلى تحقيق – كثير من المستحيلات- و التي اعتبرها مقاييس نجاحه قبل أن يكون لها حسابات الأثر الإيجابي على البلاد و العباد فسعى لها سعيها و وظّفها أيّما توظيف في مجتمع غارق في الجهل و الفقر و الأمّية إلاّ من بعض النّخبة التي أقصاها  هذا الزعيم – الأوحد – و المجاهد الأكبر - أو غيّبها نهائيّا عن السّاحة ، فخلا له الميدان و كان له ما أراد و من وراء ذلك كانت بعض تلك المكاسب للبلاد .  بورقيبة لازم اسمه في – قداسة – فرضها هو و وطّد أركانها سدنة نظامه طيلة عقود من الزّمن ، فلا اسم يعلو على إسمه و لا ذكر للبطولة بدونه و لا فضل على البلاد و العباد إلاّ له دون سواه ، كتب له – الكاتبون – و فصّلوا تاريخ الحركة الوطنيّة على مقاسه ، و طبّل له المطبّلون ليبرّؤوه من احتمال الخطإ و سوء التقدير حتّى أنّ حاشيته و من عاصر حكمه من سواد النّخبة غضّوا الطرف عن حصل منه من انتهاكات للشريعة و الدّين و الأخلاق بل منهم من باركها و أيدها واعتبروها  إلهامات  و استشرافات حداثيّة و استشرافات .  طبيعي أنّ الجيل الذي حكمه بورقيبة و بالخصوص الذين تقلّدوا مناصب في الدولة في عهده ، طبيعي أن تتملّكهم عقدة ( الرجل الأوحد) و أن تنتفي من شعورهم و كذلك اللاّشعور كثيرا من قيم المبادرة و إبداء الرأي و الإستقلال بالقرار في ظلّ ( عبقريّة المجاهد الأكبر ) الذي لا تضيع منه شاردة  ولا تفلت منه صغائر الأمور فضلا عن كبارها  و هو – المهندس الأوحد – و صاحب القرار الأوحد و المفكّر الأوحد ...! كذلك من الطبيعي أيضا  أن يحسّ بعضهم  – باليُتم  - من بعده ، و طبيعي أن يحسّوا بالإنفصال عن ماضيهم الذي زيّفته سياسات الزّعيم و محت منه كلّ ذكر لأمجاد البلاد و رجالاتها و فسخت من بين صفحاته كثيرا من عناوين الهويّة و غرّبت الشعب عن دينه و استعاضت عنه بمُثلات  العلمانيّة و اللاّئيكيّة و بركات البوّابة الغربيّة .  وكذلك من الطبيعي اليوم  أن ينفخ البعض ممّن بلغوا سنّ اليأس السياسي و من عاضدهم من المفلسين في رماد – البورقيبيّة – لتعويض ذلّهم القديم و لينشدوا بعضا من استرداد كراماتهم التي طالما – تمرمْدتْ- على أرضيّة قصر قرطاج من طرف رجلهم الأوحد و حرمه المصون ،،  و في محاولة يائسة  لقطع – التذكرة الأخيرة – في قاطرة التاريخ . بورقيبة مات ، أمره و أمرنا موكول إلى الله ، فهلاّ ترجّل الراكبون على البورقيبيّة ، هلاّ تخلّصوا من تلك – الفوبيا- المزمنة و نزعوا عن أعينهم أغشيتها ليقرؤوا التاريخ بلا تزييفات ..!؟؟ هلاّ وعى هؤلاء الرّاكبون على البورقيبيّة أنّ التاريخ لا يجامل و لا يعادي ، و أنّ أنظمة الحكم لم تعد تلك التي تُدار بدماغ واحدة و لا بمجرّد كاريزما مبهرة ،،و أنّ سياسيو العصر لا يعتمدون أبدا على أرصدة الولاء و الإحتماء بجلباب الأسلاف ، لكنّهم يصعدون بالديموقراطيّة و يحكمون بقدر إتقانهم للفعل السياسي وقوّة  امتلاك ناصية التغيير من خلال الفهم الصحيح و الإدراك السّليم للواقع ..

بورقيبة ، رجلهم الأوحد حيّا و ميّتا

منجي بـــاكير / كاتب صحفي  

بورقيبة ، هذا الرّجل الذي نحت إسمه في حقبة من تاريخ تونس الحديثة ، بورقيبة الذي امتاز بكاريزما اختفى  معها – قسْرا - كلّ حضور آخر ، بورقيبة الذي سعى جاهدا و بمساعدة كثير من المتمعشين من بلاط قرطاج و الخانعين لسطوة دكتاتوريته و الممتثلين طوعا و كرها لسياسته  من شاغلي المشهد الإعلامي الوحيد آنذاك و الخادمين عماءً وطمعا و  جهلا لتنظيرات ((الزّعيم)) من أنصار الحزب الحاكم الأوحد ، بورقيبة الذي ساعدته ظروف الجهل و الأميّة و التأخّر الإجتماعي و الإقتصادي لشعب رزح تحت ظلم الإستخراب الفرنسي و جبروته و من قبله سياسات البايات العقيمة و المفقرة ، و جد البيئة المناسبة و الحاضنة المساعدة لخلق ( أسطورة ) الزعامة و الصعود إلى أعلى هرم السّلطة بسلاسة تغذّيها  حنكة و دهاء سياسي و  يسندها بطش سلطوي بمرجعيّة واحدة  و وحيدة  ، يقابله ضعف و خوف  و رعب عند كلّ من حاول الوقوف في طريق الرّجل أو حتّى  حدّثته نفسه بمجاورة شخصيّته و محاكاتها بعد ما اعتبر( الكلّ )  من مصير الذين سبقوهم في سلوك هذا النّهج  أو معارضة – توجيهات الرئيس و التاريخ لم يجفّ حبره بعد ... -.
هذا ما كان عليه بورقيبة ، يدفعه شغف التميّز و نرجسيّة جامحة  لتحقيق أحلامه التي كانت تراوده للإمساك بدفّة القيادة في عالم السياسة سواء التونسي أو العربي أو حتّى العالمي و هو ما لم يوفّق فيهما كما كان يحلم .  
لكن هناك ما يُحسب للرّجل أنّه كان يمتاز بحسّ وطني تولّد أساسا من رغباته التي تتوق إلى تحقيق – كثير من المستحيلات- و التي اعتبرها مقاييس نجاحه قبل أن يكون لها حسابات الأثر الإيجابي على البلاد و العباد فسعى لها سعيها و وظّفها أيّما توظيف في مجتمع غارق في الجهل و الفقر و الأمّية إلاّ من بعض النّخبة التي أقصاها  هذا الزعيم – الأوحد – و المجاهد الأكبر - أو غيّبها نهائيّا عن السّاحة ، فخلا له الميدان و كان له ما أراد و من وراء ذلك كانت بعض تلك المكاسب للبلاد .
بورقيبة لازم اسمه في – قداسة – فرضها هو و وطّد أركانها سدنة نظامه طيلة عقود من الزّمن ، فلا اسم يعلو على إسمه و لا ذكر للبطولة بدونه و لا فضل على البلاد و العباد إلاّ له دون سواه ، كتب له – الكاتبون – و فصّلوا تاريخ الحركة الوطنيّة على مقاسه ، و طبّل له المطبّلون ليبرّؤوه من احتمال الخطإ و سوء التقدير حتّى أنّ حاشيته و من عاصر حكمه من سواد النّخبة غضّوا الطرف عن حصل منه من انتهاكات للشريعة و الدّين و الأخلاق بل منهم من باركها و أيدها واعتبروها  إلهامات  و استشرافات حداثيّة و استشرافات .
طبيعي أنّ الجيل الذي حكمه بورقيبة و بالخصوص الذين تقلّدوا مناصب في الدولة في عهده ، طبيعي أن تتملّكهم عقدة ( الرجل الأوحد) و أن تنتفي من شعورهم و كذلك اللاّشعور كثيرا من قيم المبادرة و إبداء الرأي و الإستقلال بالقرار في ظلّ ( عبقريّة المجاهد الأكبر ) الذي لا تضيع منه شاردة  ولا تفلت منه صغائر الأمور فضلا عن كبارها  و هو – المهندس الأوحد – و صاحب القرار الأوحد و المفكّر الأوحد ...! كذلك من الطبيعي أيضا  أن يحسّ بعضهم  – باليُتم  - من بعده ، و طبيعي أن يحسّوا بالإنفصال عن ماضيهم الذي زيّفته سياسات الزّعيم و محت منه كلّ ذكر لأمجاد البلاد و رجالاتها و فسخت من بين صفحاته كثيرا من عناوين الهويّة و غرّبت الشعب عن دينه و استعاضت عنه بمُثلات  العلمانيّة و اللاّئيكيّة و بركات البوّابة الغربيّة .
وكذلك من الطبيعي اليوم  أن ينفخ البعض ممّن بلغوا سنّ اليأس السياسي و من عاضدهم من المفلسين في رماد – البورقيبيّة – لتعويض ذلّهم القديم و لينشدوا بعضا من استرداد كراماتهم التي طالما – تمرمْدتْ- على أرضيّة قصر قرطاج من طرف رجلهم الأوحد و حرمه المصون ،،  و في محاولة يائسة  لقطع – التذكرة الأخيرة – في قاطرة التاريخ .
بورقيبة مات ، أمره و أمرنا موكول إلى الله ، فهلاّ ترجّل الراكبون على البورقيبيّة ، هلاّ تخلّصوا من تلك – الفوبيا- المزمنة و نزعوا عن أعينهم أغشيتها ليقرؤوا التاريخ بلا تزييفات ..!؟؟

هلاّ وعى هؤلاء الرّاكبون على البورقيبيّة أنّ التاريخ لا يجامل و لا يعادي ، و أنّ أنظمة الحكم لم تعد تلك التي تُدار بدماغ واحدة و لا بمجرّد كاريزما مبهرة ،،و أنّ سياسيو العصر لا يعتمدون أبدا على أرصدة الولاء و الإحتماء بجلباب الأسلاف ، لكنّهم يصعدون بالديموقراطيّة و يحكمون بقدر إتقانهم للفعل السياسي وقوّة  امتلاك ناصية التغيير من خلال الفهم الصحيح و الإدراك السّليم للواقع ..  

ليست هناك تعليقات: