هو وحيد والده الثريّ جدّا ، لكنّه كان يعيش في
لهو و بذخ و إسراف لا نظير له ، كان من حوله شلّة من الأصدقاء هم عينه التي يرى
بها و أذنه التي يسمع بها و يده التي يبطش بها ، أعيا أباه فلم يكن يمتثل
لتوجيهاته و لا يعمل بنصائحه أبدا ....
لم يهتمّ بأمر العلم و لم يأخذ حظّه منه ، لم
يحاول قطّ تعلّم صنعة إذ كان يراها مذلّة و استنقاصا من كرامته ، أهمل كل الروابط
الإجتماعية و صرف وجهه عن أواصر قربى العائلة بل كان متمرّدا على كلّ مُثُل الحياة
و معروفها ، لا يقدّر شيخا و لا صبيّا ، كان
يرى أن المال الذي بين يديه هو مبلغ ُ المُنى و هو مفتاح كلّ مشكلة و قوّام
كلّ عمل ،،، فانقطع عن كلّ أسباب العيش إلاّ مع أصدقائه و ندمائه و ملذّاته و لهوه
و ما يمليه عليه هواه
لمّا يئس الأب الشيخ من صلاح هذا الإبن و أحسّ بدنوّ أجله ناداه يوما و ترجّاه أن
ينفّذ وصيّته الأخيرة ومفادها أنه إذا ما ضاقت به الدنيا و وجد نفسه وحيدا
فقد ترك له حلقة في سقف أحد بيوت القصر
عليه أن يربط فيها حبلا و يشنق نفسه !
مرّت الأيام و الأشهر ، توفّي الأب و ترك ثروته
الكبيرة لهذا الإبن الوحيد الذي تمادى في غيّه وبوتيرة أكبر من التي كان
عليها في حياة والده و أمعن إسرافا في ما
أورثه حتّى أتى على آخره و لم يبقى له إلاّ القصر الذي الذي يسكن
.عندها تفرّق عنه خلاّنه و تقطّعت به الأسباب و ضاقت به السّبُل و لم يعد
يملك عشاء ليلة.
عندها صحى شيء من ضميره و تذكّر وصيّة أبيه ،
جزم أن يكون مطيعا أباه لأوّل مرّة في حياته فجاء بحبل متين و أوثقه في الحلقة ثم
اعتلى كرسيّا ليُحكم الحبل حول عنقه و أخيرا ركل الكرسيّ ليسقط جسده ....
لكن وقع ما لم يكن في الحُسبان !
لقد ملصت الحلقة و جانب من السّقف ... سقط الإبن
على الأرض مغشيّا عليه ليفيق و قد أحاطت به و غطّته سبائك الذّهب و الفضّة و الألماس و
المجوهرات و لفائف الحرير و أكداس المرجان
و كثير من النّفائس و الأموال ..!
و بين هذا كلّه وجد مطويّة صغيرة مكتوب فيها :
((أمّا المال فقد تركت لك ما يعوّضك و أمّا صلاح حالك فهذا ما عليك تداركه فلا
تعيقك مشقّته)) .
بقلمي / منجي باكير ~~ 15/05/2012
***
هناك 22 تعليقًا:
بسم الله وبعد
نسأل الله عز وجل صلاح الحال لنا ولابنائنا
أعرف أناس أغنياء وأبنائهم فاشلون وأعرف ناس أكثر فقراء ولكن أبنائهم متفوقون
وسبب من أسباب فشل أبناء الاغنياء هو الدلال الزائد والصحبة الفاشلة
أحييك على ما طرحت
أخوك في الله \ مازن الرنتيسي - أبو مجاهد
www.alrantisi.net.tc
وكأن الاب كان متيقن كيف سيتصرف ابنه
فترك له الرسالة في المكان او المأوي الاخير
الذي ظن الاب ان مصير ابنه ينتهي عنده
رائعة العبرة من القصة اخي منجي
السلام عليكم...
أعجبتني القصة جدا، وتستحق فعلا العنوان الذي أعطيته لها..
دائما ما ألاحظ أن أعمق الدروس تأثيرا في النفس البشرية هي التي تأتي في الوقت الذي لا يتاح فيه سوى اختيار واحد صعب جدا وثقيل على النفس.. حينها فقط يمكن أن تتعلم هذه النفس درسا لن تنساه.
تحياتي لصاحب الزمن الجميل والفكر الجميل.
مساؤك هنا وسعاده اخى منجى
دائما ما نستفيد من قلمك وافكارك وعبق الزمن الجميل
مودتى اخى
مازن الرنتيسي
أقدّر فيك هذا البهاء و الحضور المبكر و التفاعل الواعي .
شكرا
صدقت اخى العزيز
فعلا دروس من الزمن الجميل
دروس تعطرت بعبق التاريخ وحكمة لقمان
قبل نهاية القصة توقعت ان يحدث هذا :)
لانه حين يدرك مدى الخير وراء الاستجابة لوالده سيكون تعلم من اخطائه ويستحق تلك الجائزة التى سيبدأ بها حياة جديدة صالحة
قصة رائعة وسياق اروع
جزاك الله خيرا وبارك فيك استاذ منجى
استمتعت بكل حرف فيها جدا جدا
دمت بكل خير
تحياتى لك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخ منجى لقد كتبت رائعة من روائعك
ونصيحة باتت اليوم الى مآل بين اكثر
الناس لاسيما بين الاصدقاء والاقارب
والزملاء باتت اخلاق الملوك والامراء
فى طى النسيان ولست اتحدث عن ملوك
وامراء هذا الزمن لانه مثل هذا الشقى فى نصف حياته الاول انما اخلاق الملوك
التى يجب ان تكون سلمت وسلم طرحك
وربنا لا يجعلنا من الاشقياء ويصلح احوالنا والمسلمين جميعاً
دمت بكل خير وود
زهرة
حكماء زمان..
هناك من الأشياء ما لا يمكن علاجها بالقول المباشر أحيانا بل بالحيلة والعبرة..
قصة جميلة تحمل حكمة.
تحيتي لك أخي منجي
بسم الله الرحمن الرحيم
{المال والبنون زينه الحياه الدنيا}
صدق الله العضيم
دائمآ الاهل الهم رؤويه واضحه للمستقبل اكثر من الابناء
ولكن برأيي الدلع الزاايد من الاهل هوه الي وصله لهااي المرحله
من ارووع ما قرأت ..قصه جميله فيهاا عبره اجمل
سلمت يدااك اخي
مساء الخير ..
قصة رائعة وجميلة .. سرنى التواجد هنا ..
سورى على التقصير بسبب الدراسة
تحياتى لك
ياسمين
شكرا لك اخي منجي ..
تحياتى لك وبالتوفيق ..
نور
سواح في ملك الله
الزمن الجميل ترفع لك احلى التحايا
و أجلّ التقدير لمتابعتك التي تضيؤها ..
بهاء
شكرا لبهاء فكرك و تميّز تفاعلك
بسمة الورد
تقديري لوردك الذي خلّف طيّب شذاه
شكرا
ليلى
كثيرا من الشكرلك و التقدير
تروق لي دوما متابعاتك و اضافاتك
منجي
( حياتي )
شكرا لتوسّع في الموضوع و إضافة زادته
إشعاعا ،،،
فعلا الزمن الجميل في حاجة إلى هكذا تفاعل
ابو حسام الدين
جميل بصمتك ضرورة تترقبها الزمن الجميل كلّ
مرّة فلا تتوانى في الحضر
شكري و تقديري
♥ Šaяo ♥
كما عادتك كلّما حللت في الزمن الجميل
حملت معك الروعة و الافادة
شكري لك يتجدد
رحيق الورد
يبقى الاروع دائما اطلالتك الانيقة
و المفيدة و الرائعة
تقديري
نور القمر
الزمن الجميل تشتاق لحضورك الرائق
فلا تحرميها
شكرا
السلام عليكم
رائعه جداً والحكمه وطريقة الوالد في قويم سلوكه ابنه إبداع ..
سعيدة لمعرفتي بهذه المدونة استاذ منجي ..
دمت بحفظ الرحمن .
طريفة وفيها عبرة .. جزاك الله خيراً أخي منجي ..
إرسال تعليق