مفارقات و إحباطات

مفارقات و إحباطات

توطئة :هنا نثرت جملة من بوح مكامن النّفس و ما يخالجها إزاء ما تُقابله من صدّ أو تجاهل في هذه الحياة و ما تُعانيه من تعب و إحباط وسط الطفرة المادّية و انعكاساتها على سلوكات الكثير من النّاس و تناسيهم الكثير من الفضائل و القيم الروحانية و إهمالهم للعلم و أهله و للثقافة  و توجّههم نحو بريق زائف و سطحي عوضا عن ذلك ،،،

~ ْ ~ ْ ~ ْ ~ ْ ~ ْ

.... يقضي الانسان نصيبا من عمره كالنحلة من زهرة الى زهرة

يطالع أبجديات المُثل و القِيم في قديم الدفاتر و جديدها و يتتلمذ على خيرة أساتذةٍ و شيوخَ أجلاّء، يعيش فترة من الزمن على هذه الوتيرة يحركه الأمل و تدفعه العزيمة للنبش أكثر و استخرا ج الدررو الكنوز المعرفية و حفظ تراتيل الأخلا ق تمرّ سنون الأحلام و الخيال و هو يمنّي النفس بأن يُماثل مواقفا لأناس رأى فيهم جمال الصفات و ركائز الرجولة ،يستعرض في داخله أشعار الفخر و حب الأوطان و الغزل الجميل و سلوكات عظام أهل السياسة و مآثرهم حال السلم ووقت الحرب. يراوده حلْم ُ ما خلفه الأسبقون في علم الإجتماع و إمامهم ابن خلدون ،يلملم بكل حب باقات من الزهور الجميلة من المعلقات و أشعار الصعاليك و أهل عكاظ يزين ذلك بما نثره المتنبي على صفحات التاريخ فنوّر به جبين الشعر و من سار على شاكلته و صولا الى أحمد شوقي و الكوكبة الطيبة التي عاصرته، يستمتع بما سطره المنفلوطي و جبران خليل جبران و من حذا حذوهم يستكين أحيانا الى مشائخ الصوفية و مناقبهم في تربية النفس و تشكيل الفرد و شحنه بفلسفة الروح و تبيان عللها و تطبيباته ،قلت يمرّ على الانسان حين من الدهر يسامي الخيال ويسبح في عالم المثاليات و قد يرسم لنفسه عيشا افتراضيا يتفنن في صياغته . يحمل هذا الزاد، شقاء السنين و ينز ل لممارسة لعبة الحياة ممنّيا النفس أن يكون عنصرا فاعلا و مجديا مع الآخرين و يعيش معهم ملذات العيش و يقطف من نوّار السعادة فيتفاجىءببدايةمشوار التعب، مشوار الكدمات و الركلات و الشطب و الرفض و الإقصاءو التهميش...

ليبدأ مرحلة الإغتراب و اغتراب ما حمله من نبيل القِيم و لآليء السلوكات.

يجد نفسه نشازا وسط ضوضاء حتى مع أقرب الناس إليه فيبدأفي قضم أظافره 

لاندما و لكن ليُنقص من حجم زاده علّه يلائم الواقع(الواقع المرّ التعيس )

علّه يجد مُتّسعا يحشر فيه نفسه في دورة العلاقات الاجتماعية لربّما يتأقلم ...... ولكن عبثا يحاول.!  

يصير حاله حال من امسك ينًّا يبانيا في إفريقيا السوداء يريد أن يشتري خبزا.

فلا فهِمه العباد و لاهو  استطاع صرف عُملته و لا حصل على خبزه.

للإنسان عُمُران: عمر ظاهر يتجلى في وجوده المادي و كينونته بين بني جنسه ينتهي بمُواراته التراب و عمر يُحسب بما قدمه و استفاده ممن يعايشهم و الوقت

الذي أحسّ فيه بوجوده، في المُحصّلة يتمادى العمر الأول و يبقى صاحبه جُثـّة لكنها تتحرك بل تنتفي عنده أسباب تذوّق الحياة و سبْر كُنهها حتى ينتهي به الأمر الى التهميش ، الإضمحلال و أخير الى الإندثار...

أمّا العمر الآخر يقابله احتمالان ، إمّا ينسى معه النّاس صاحبه و يقبرون ما خلّفه مع جسده ثم يردمونه بالتراب و يولّون الأدبار ،،،

أو بعد وقت يكتشف هؤلاء النّاس أنّ الميّت كان على حقّ ، و أنّه كان ينتهج الصحيح من الطّرق أو أنّ ما خلّفه من علم كان نافعا و لم يعرفوا هذا إلاّ بعد رحيله و عندها لن يلحقه منهم إلا تكريم الأموات ...!   

بقلمي // منجي باكير