الخميس، 3 فبراير 2011

أمّتي : هذا سرّ المعادلة التونسية



أمّتي : هذا سرّ المعادلة التونسية


منذ عقود خلت امتلأت كل أرجاء الوطن الكبير بصيحات المصلحين من العلماء

و المثقفين لطرق أبواب التحرير و الخلاص من هيمنة الظلم و الابتعاد عن الشريعة ...

للنهوض بأفراد الأمّة فكريا و الرجوع بهم الى معين الإسلام .

ثم جات أوقات خبت فيها جذوة هذه النداءات و سيطر الديجور محلّ النور ، وفُرضت

قبضة الحديد و النار على الشعوب و كُمّمت أفواها ، بل امتلأت الساحات بالمطبّلين

و المنافقين و ممجّدي الحكّام و البلاط ، فضاعت قيم الرجولة و الشهامة و التوق

الى الكرامة و الحريّة و غابت من أدبيات المثقفين و دعاة الاصلاح الاجتماعي

 و الديني الا من رحم ربّي ،،

و صارالعمل على هذا الحق المقدّس أشبه بكلام ضبابي و عمومي الملامح لا

وجه صريح فيه و لا مقصد جليّ المعالم .. حتى تكوّنت قطيعة بين الشعوب و الرموز

المحسوبة على الخلاص و التحرّر سواء من المفكرين أو من العلماء أو من الدّعاة .

ولم تعد تجد هذه الشعوب ما يملأ فراغها و تعطّشها و ما تصبو اليه من تغييرات

تعود عليها بالفائدة الآجلة والعاجلة .

فكان الهجران ، هجران المنابر و المساجد و ساحات الخطاب ليدخل على الخط

أباطرة الإعلام بمختلف صُوره المقروءة و السمعية و البصرية حيث انتهزوا الفرصة

للثراء و الاقبال في نهم على تكوين ثروات بمادة اعلامية بائسة و ثقافية انحلالية

و دائرةمن المعلومات  الدينيّة الضيقة و المنحصرة في ما يسمح به السلاطين و الحكّام .

في هذا الخضمّ الزاخر دبّت و بصفة اعتباطية و تلقائيّة في مجملها ثقافة جديدة بحكم الثورة

الهائلة لوسائل الإتصال الحديث و التطوّر السريع للشبكة العنكبوتية ،،،

فسهل تداول الخبر و المعلومة في سرعة قياسية و صارت المستورات من الأشياء التي

 لا يفصلها عن طالبها إلاّ كبسة زرّ...

قلت دبّت حركة غير محسوبة من الشباب في اكتشاف الخبايا و السعي الى نشر كل جديد

و فضح كلّ ما استعصى سابقا الإطّلاع عليه ...

و في هذا الإطار و ليس الأخير كان لثورة الأحرار السّبق في استغلال فضاء الفيس بوك

للتعجيل بالإطاحة بأكبر دكتاتور و فضح زبانيته و زوجته و أهلها و من صاهرهم ..

أضاف الى هذا المارد ما اعتمدته الجزيرة في نشراتها و تحليلاتها من توسيع رقعة

وصول المعلومة و تقريبها الى المتلقين على مختلف شرائحهم .

هذه الحركة قطعت المعهود من ضرورة وجود أحزاب و منظّمات أو قادة يتولّون إيقاد

جذوة الثورة و تأطير الجماهير ثم قيادتها لخوض الثورة ،،، هذه النظرية أثبتت عقمها

بالنظر الى النتائج التي أفضت اليها قديما في مختلف أرجاء الوطن الكبير و التي كانت

نتيجتها أن جثم هؤلاء القادة على صدورنا مستندين الى هذا الحق التاريخي الذي رسّخوه

بأنّه لولاهم ما كُتب للثورات النجاح و الإستمرارو بالتالي هم و هم وحدهم من يفهم حركة

التاريخ ،، و هم وحدهم من يملك العقل المدبّر و المفكّر و بالتالي هم منزّهون و باقون

لأنهم فوق كل العقول ...

أثبت هذا كلّه عقمه و أصبحت الطريقة المُثلى للتغيير هي التي تنبع من تلقائيّة الشعب

و بكل عفويّة بلا تقنين و لا توجيه و لا وصاية ...

بالضبط من الشباب القلب النابض في الأمّة ،، هذا الشباب الذي راهنت الحكومات و الدول

الأجنبية على تمييعه و إخراجه من دائرة الحسّ و الشعور برميه في متهات المخدرات

 و ( الكورة ) و سفاسف الغناء و الجنس ...

هذا الشباب الذي استغلّ النت على أحسن وجه !

فطوّع شبكات التواصل الاجتماعي للتعبير عن حاله و لرأيه و ركبها لإيصال المعلومة و

تداولها في كل الأقطار وفي وقت قياسي جدا .

نفس الشيء ما يصير في مصر الحبيبة تقريبا خطوة بخطوة و حادثة بحادثة في تناسق

و تواتر ...

اذا خلاصة القول ان الحدث و الثورة تصنعها معادلة واحدة اثبتت جدواها و ستتكرر

في كثير من البلدان التي تعاني الظلم و الاستبداد و قد ترى هذه الارهاصات في

الخوف الذي اعترى الحكّام العرب و هرولتهم الى دقّ ابواب الاصلاح و فكّ الحصار

و معاجة الاوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية !

بكل بساطة هذه المعادلة تقوم على :

 (شباب واعي + حسّ ) + وسائل اتصال (فيسبوك تويتر ، جزيرة ) = الثورة العارمة !


تحياتي

منجي







هناك تعليق واحد:

وردة فرح يقول...

تذكرت درس التاريخ عن الثورات العربية عندما كنا ندرس في المدرسة
ما اشبه ايامنا بتلك الايام
حقا ان التاريخ يعيد نفسه

اختك// وردة فرح