مبادرة القروي :نامت
نواطير تونس عن ثعالبها
بقلم / منجي بــــاكير
لعلّ كلّ العبارات و
الأوصاف تعجز عن التعبير على ما أضحى عليه المشهد السّياسي التونسي من تردّي و ما
أصبح يحمل معه من أخبار تدمي القلب ، مشهد أصبح ( سوق و دلاّل ) و ( سوّد وجهك و
قول أنا فحّام ) و كلّ من هبّ ودبّ نصّب نفسه وصيّا على شعب بأكمله و اتّخذ لنفسه
حزبا ثمّ اعتلى ربوة النّفاق و الدّجل و الجهل و العُهر السياسي لينادي في
النّاس أنّه مالك الحقيقة المطلقة و أنّه
المبعوث المخلّص و ما دونه هو التّيه و الضّلال ...!
نكّبت الأحزاب في
بلادنا و تكاثرت المنابر و تتالت المبادرات ،، بدءً من مبادرة السّبسي إلى مبادرة كمال
مرجان ومحمد جغام ثم إلى مبادرة حامد القروي و القائمة مازلت لم تختم ،،ومن
المفارقات التي لا تحدث إلاّ في تونس أنّ هذه المبادرات جمعت و تجمّعت كلّها لأن
تعزف على وتر واحد ظننّا الثورة أقبرته و جبّت مآسيه و جرائمه ، صوت الماضي البعيد
، صوت الحنين إلى أيّام الدكتاتوريّة و العنجهيّة التي كرّست عقودا من الزّمن
احتقار العمق التونسي و احتكار القيادة في الدّم الأزرق السّاحلي و التي مارست على عموم الشّعب كلّ عقدها
النّرجسيّة و حبّ الذّات و الإستعلاء و اعتبارسواد الشعب ( محْرقة ) تجاربهم
الفاشلة في الحكم و خدم بلاطهم و امتداد عوائلهم و مصدر تنامي ثرواتهم – التي دوما تُهرّب مرّتين
: مرّة من الأداء و أخرى إلى بنوك الخارج –
مبادرات تجتمع كلّها
على فكر إقطاعي بغيض أساسه التمعّش من عرق الشعب و دمائه و الإستفراد بالتحكّم فيه
و تهميشه و من أراد التأكّد عليه
بالسِّيَرالذّاتيّة لهؤلاء الذين كانوا بالأمس القريب من الجلاّدين و اللّصوص و
المطبّلين و المناشدين لعهد الجنرال و من قبله الصّنم الأكبر ،،،
مبادرات هدفها الرئيسي
تحويل وجهة ثورة الشّباب و الشعب المفقّر إلى مكاسب جاهزة لصالح هؤلاء الذين عفا
عنهم الزّمن و أودعهم أرشيف التّاريخ و كانوا إبّان الثورة يتوارون عن الأنظار
حاملين معهم خوف خطاياهم ، غير أنّ من أفرزتهم الثورة و أعطتهم شرعيّة حكم البلاد
لم يكونوا في مستوى الأمانة و لم ينفّذوا استحقاق الثورة و تراخوا عن قانون تحصين
الثّورة تملّصوا من محاسبتهم و إنصاف البلاد من جرائمهم فخلا لهم الجوّ و عادوا
بكلّ صفاقة و– صحّة رقْعة -ليعيدوا علينا نفس الإسطوانات المشروخة و ينفخوا في
جثّة التجمّع المنحلّ فينقضّوا و ينقلبوا على ثورة اجتثّت عروقهم و رمت بهم في مزبلة
التاريخ ....
لكــــــن يبقى السؤال:
هل نامت جموع الشّعب و أغفلت هذه المحاولات البائسة لغزوه من جديد ؟ هل رجع الشّعب
إلى الرضّا بالهوان و الخنوع ؟؟ هل نامت نواطير تونس عن ثعالبها ؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق