أعترف ، كما الملايين من أبناء الأمّة أنّنا
نجهل كثيرا من تاريخنا الثقافي و الأخلاقي و الأدبي والعلمي أيْضا ، قد يكون ذنبنا
أنّه كسلنا و عجزنا و قلّة اهتمامنا بتوفير شيء من البحث عن كنوزنا و ميراثنا
الضّائع ، لكن الذنب الأعظم هو موكول إلى علماءنا و عارفينا و دارسينا و مؤرّخينا
و محقّقينا الذين لم يستردّوا ما اغتصبه الغرب و مستشرقيه و ما زيّفوا من حضارة
المسلمين !حضارة الزّمن الجميل .
لست من المتباكين على الأطلال و لا المنتحبين
على ما مضى من الزّمان لعلمي أنّ الأمر لا ينفع لكنّي من أشدّ المتعصّبين و
المنادين لإيجاد ((الحلقة المفقودة )) من تاريخ الأمّة أولا لردّ الإعتبار و ثانيا
لخلق مستوى الندّية مع غرب الحاضر في استكمال البحوث و المنجزات المدنيّة بلا عُقد
و لا نقائص و لا أفضليّة ،،،
فاجأني محرّك قوقل اليوم ، و لعلّ بعضكم لاحظ
هذا في واجهات قوقل في المنطقة العربيّة ، قوقل هذا الصّباح أتحفنا بصورة تعبيريّة
للعالم المسلم نصير الدّين الطوسي ، هذا الرّجل ( و الذي لم أكن أعرفه من قبل ) هو
يا أعزّتي : عالم فلكي و بيولوجي و كيميائي و عالم رياضيات وطبيب و و فيزيائي و متكلّم !
طبعا أيّام لم يفرض الإختصاص اللّعين مثل ما نعايش هذه الأيّام و الذي جهّل
الكثير في خلاف ما اختصّوا به بل صاروا لا يعرفون من الدّنيا غير ما حفظوه من مدارج
جامعة واحدة و أحيانا قد لا يتقنونه على أصوله ..
المهمّ هذا الكنز النّفيس و العالَم الفريد من
مآثره أنّه وضعه الكثير من القواعد المعتمدة من بعده في الكيمياء ( قانون بقاء
المادّة ) و الرياضيّات ( قانون مثلّثات المسطّحات و قانون الظلّ )،،أنشأ في عصره
مرصدا كبيرا للفلك و أسّس لمكتبة ضمّت الآلاف من نفائس الكتب و هو الذي أثبت
مركزيّة الشمس مخالفا ما ذهب إليه علماء الإغريق ، و الذي أثبته العلم الحديث و
يقول الباحثون أن كتب الطوسي هي أساس نظرية كوبرنيكوس .
--
ممّا يُروى عن الطوسي أنّه لمّا غزا هولاكوا أرض
المسلمين ، و كان هولاكو جاهلا للعلم غير أنّه لمّا أخبروه عن براعة الطوسي في
الفلك و الطبّ سخّره للتنجيم و معرفة أحوال الشعوب التي سيغزوها طبّيا ،،،و ألزمه
بمرافقته في حروبه أينما ذهب .و يقال أن هولاكو الجاهل بالعلم سأله من أين له هذا
و كيف يعرف الظواهر الفلكيّة قبل أوانها ، فقال له أتطلع إلى السماء ؟ قال له لا .
قال هولاكو أينزل عليك ملك ليخبرك ؟ قال لا .
قال له من أين لك هذا إذا ؟
قال الطوسي أعرف هذا بالحساب . فكذّبه و طلب منه
برهانا على ذلك ، قال له الطوسي في اللّيلة الفلانيّة سيحدث خسوفا للقمر !
أمر هولاكو بحبس الرّجل و قال إن صدقنا أخلينا
سبيله و إن كذب قتلناه .
و لمّا جاء الموعد المعلوم انخرط ليلتها هولاكو
في السّكر حتّى نام و لم يجرأ عسكره على إيقاظه مخافة بشه !فأشفق الطوسي على نفسه
و ابتكر حيلة لإيقاظه حتى ينجو من موت محقّق ..
على كل ّ تحيّة نوجّها لقوقل على هذه
اللّفتة برغم أنّنا على يقينأنّها و إن
أحسنت الفعل هذه المرّة إلاّ أنّها لم تكن كذلك دوما و لن تكون ...
منجي
-
هناك تعليقان (2):
شكــراً لك على إهتمامك بهذه الثقافه العريقه وفعلا نصر الدين الطوسي كان عالم جليل في زمن صعب .
تحياتي لك .
دموع الليل
الشكر موصول لك ،،، لهذا الحضور الأنيق و الفاعل
إرسال تعليق