الجمعة، 14 أكتوبر 2011

الشريدة



                                                                   
كثيرةهي المفارقات التي نعايشها يوميا ، ولكنّنا لا نلقي لها بالا
و لا نعطي لها قدراً من الإهتمام ، ،،
تعترض سبيلنا في الحياة اليومية صورٌ تتكرّر يوميا
من انخرامات واقعنا الاجتماعي أو ضلالاته أو انحرافاته
أو حتّى مآسيه و لكنّنا لا نكلّف أنفسنا التفكير و لو لوقت
لمعرِفة سبب تلك الظاهرة أو ذاك المشهد و لا نتساءل عن
مدى مساهمتنا في صياغته أو قدرتنا على إنهاء تعاسته !
أعرض اليوم عليكم قصّة فتاة كانت زهرة طيّبة في مثل كلّ فتياة جيلها و وطنها ، لكن الظروف الإجتماعية القاسية و تجاهل المحيطين بها
جعلها تكون في وضعيّة لا تُحسد عليها ...


***

الشّريــــدة ...!


...  بَد تْ بوجْه شاحب ، أغبر ، منكوشة الشعر ، منحنية الظّهْر و مشوّشة الهندام . تلتهم سيجارتها في شره و ترتشف سواد قهوتها بنهم لا يقطعه الا زفرات تطلقها أعماقها الكئيبة ..
إنها كائن ككل البشر ،، كان من حقّها أن تمارس الحياة ككل النّاس
و تتلذّذ بمحاسنها و تتذوّق جمالها
لكن كانت الإستثناء
لعبت بها الأيام
و أشقتها الحياة
و دمّرها بنو جنسها ..
و لم تر من الدنيا إلا وجهها العبوس !
إنها امرأة ككل النّساء
لها قلب لكنّه انفطر و تفتّت
لها روح لكنها انكسرت
لها جمال لكنه انطفأ و شاخ
لها نفْسٌ لكنها اضمحلّت وسط متاهات
العناء و الأعباء
لها مشاعر لكنها اصطبغت بألوان الرّماد و اليأس و الإحباط ...
آآآآآآه،،، تلك جملتها الإعتراضية التي تحشرها كلّما لكَنَ لسانها أو خانتها الذاكرة
أو فاضت دموعها و لم تقوى على مواصلة حكاياها
حكاياها التي كثرت بعدد سنين التعاسة
التي اعتنقتها على صغر سنّها
و طالت و امتلات شجننا
حتى فاض  الصّدر و ما حوى ...
مسكينة !
هذه المرأة ( الشبح ) صارت تجوب الأزقة و تحمل دولاب أدباشها
فوق ظهرها
ترتاد المقابر لتلتحف العراء و تفترش التراب
و تستأ نس بسكانها علّها تنسى و لو لحين تعب الحياة و ضراوة البشر
تقاوم العراء ، تقاوم الجوع ،تقاوم الفقر وتقاوم تقلّبات الزمان و أحوال الطقس !
تخاف من كل شيء
و تحتاط من كل شيء
وفي النهاية تقع فريسة لكل شيء !
لا تتدري أين تتقاذفها ساعات المساء
إلى أقاصي مقبرة ،
إلى مراكز البوليس و التحرّي
أو قد تقع بين براثن أشقياء الليل
و سكارى الهزيع الأخير من الليل فتزيد في رصيدها
همّا و غمّ
و تسجّل نقطة أخرى في دفتر الخيبات التي رماها بها بنو جلدتها قسرا و ظلما
و لم يَعي أحد منهم شيئا عن دوره في نسج تلك المأساة ....


بقلمي / منجي باكير 
 

هناك 38 تعليقًا:

غير معرف يقول...

مساء الغاردينيا منجي
ألقى بها المجتمع لأزقة الحياة
أصبحت شريدة رغماًعنها فقدت وجودها
ونفسها ولم يعد لها سوى الضياع
مأوى لها "
؛؛
؛
منجي
قاسية هي الحياة حين تسلبنا
حريتنا ومؤلمة أكثر حين نبحث
عنا في كومة ضياع "
؛؛
؛
لروحك عبق الغاردينيا
كانت هنا
reemaas

الفراشة يقول...

صحيح هذه مفارقات قاسية جداً
لكن لابد وان تشرق الشمس يوما
وتبدد الخوف وتنشر السلام
دمت بخير

بسمة الورد عطر المشاعر يقول...

يالها من كلمات قاسية يملؤها الشجن والحزن

ولكن الرضا والصبر لا غنى للنفس البشرية عنه اكيد

سعدت برقى كلماتك رغم قسوتة المعانى بداخلها

راق لى تواجدى كعادتى اخى

مودتى واحترامى

Unknown يقول...

نعم نعم ..
كلنا مشاركين ولكن لانعى ماصنعنا
أحييك على هذه الصورة والتى نسجتها بكلماتك وأحاسيسك رغم قسوتها ولكن لابد أن نصطدم بالواقع كى نشعر به

Unknown يقول...

السلام عليكم..

تقبل تحياتي على اللفتة الإنسانية الرائعة التي تكشف لنا عن وجه من أوجه الحياة ننساه أحيانا وسط متاهات الحياة وربما تكون محبوسة في الغرفة المجاورة لأي منا.
اللهم كن لنا ولإخواننا.

تقبل تحياتي..

شهرزاد المصرية يقول...

صورة مؤلمة جدا رسمها قلمك باقتدار و ابداع
نعم هؤلاء المشردين دائما ما تمزق رؤيتهم قلبى و للأسف الجهود الفردية لا تكفى لحل مشكلاتهم و يجب أن يكون هناك حل مجتمعيا

تحياتى

عازفة الالحان يقول...

هُنآك ظٌروفْ تجعل ألوآننآ قآآتًمة
ليس لهآ جآذبيه تجعلنآ نعيشهآ .,

لقلمكْ ورد

دمت بخير

أمل م.أ يقول...

منجي باكير
اسعد الله اوقاتك بكل الخير

الله ما ابدعك وما اجمل اسلوبك في سرد حكاية هذه الانسانة
وهي حكياية كثيرات مثلها
اغتصبهن الحزن
والتهمهن الالم
وغض الطرف عنهن مجتمع اناني لا يبالي الا بنفسه
كم هي قاسية الحياة حينما تسلبنا
حتى اسياسيات الحياة
وكم هي قاسية الظروف حينما ترقص طربنا على اوجعنا
سيدي الكريم
المتني جدا قصتك
فهي بطريقة او باخرى وجه من معاناتنا
نحن معشر النساء
لكن ماذا اقول
عسى رب العالمين يصلح احوالنا جميعا
انه على كل شيء قدير

كن بخير دوما

حكايات إنسان يقول...

ما أكرمهن إلا كريم و ما أهانهن إلا لئيم

Emtiaz Zourob يقول...

سبحان الله .. الحياة مليئة بالمآسي والقصص الحزينة المبكية والمؤلمة .. وراء كل صورة حكاية لا نعرفها إلا من كابدها ..

لفتة جميلة منك اخي الكريم .

شهر زاد يقول...

السلام عليكم ورحمة الله
كلام روعة واحساس صادقك يدفعك لتعيش الاحداث وكأتك تشاهد فلما
تشرفت فعلا بزيارة مدونتك
ولا تعتبر غيابي عنها تجاهلا او تقصيرا ولكن هو فقط بسبب ظروفي الصحية والعمل اسفة على ذلك
تحياتي

همسة نور يقول...

كلمات قاسية وحزنية هي الحياة صعبة وقاسية على ناس وناس
والمكتوب ما منه مهروب وما بدا بيحس بالالم غير صاحبه كلمات حزينة جدا لكن لا بد يجي اليوم الي بنتصر فيه الظلوم على الظالم لاني ربي العالمين ديما يمهل ولا يهمل
مشكور اخي

Unknown يقول...

ريــــمــــاس

رائع أن أجدك أول المعلّقين !
أسعدني هذا ..

**

ريــــمــــاس

الحياة نحن من نؤثّث لجماليتها و نحن من
نكون سببا لمآسيها و متاعبها ..
لو نظر كل واحد فينا الى الآخر بنظرة
إنسانية بعيدة عن التعالي و الجفاء
و النكران ،،،
لما راينا مظاهر كهذه ..
و لزادت ألفة البشر و حلّ الهناء محلّ الشقاء .

شكرا كثيرا

منجي

Unknown يقول...

الفراشة

رائعة أن كالفراشة في زهو ألوانها و جمالية حركتها !
تسعدني إطلالتك دوما ..

**

تحياتي للتفاؤل الذي تحملين
و للإشراقات التي تزرعين .

مدونة الزمن الجميل تشتاق حضورك ، فلا تبتعدي .

Unknown يقول...

بسمة الورد

كما عوّت الزمن الجميل ، يكتسي حضورك دوما ثوب الأناقة و جميل الفكر !

**

تحياتي و تقديري و كثيرا من الورود

Unknown يقول...

محمد الجرايحى

مدونة الزمن الجميل يسعدها أن تتوئم
خطّها مع ذات الفكر الذي تحمل !
يسعدني دوما قراءتك و متابعتك ،،
فلا تبخل بالمجيء هنا !!!

Unknown يقول...

Bahaa Talat

دوما ألامس في ردودك جمال نفسك و بهاء
حسّك و قويم فكرك ،،
مدونة الزمن الجميل تترقب دوما إطلالاتك
و تسعدها متابعاتك
فكن بالجوار و لا تبتعد أيها البهيّ !!

Unknown يقول...

شهرزاد المصرية

تحية إكبار أيتها الأنيقة حسّا و معنى !

نعم الحلّ الجذري هو بإصلاح عقلية المجتمع
و أن نفيء الى المرجعية الاخلاقية و الدينيّة لتغيب مثل هكذامظاهر..

تحياتي

غير معرف يقول...

كم هى قاسيه هذه الحياه حين تجبرنا على العيش أمواتا
نجحت فى تجسيد واقع مرير نحياه
رائع ماسطر قلمك هنا
دمت وهذا الابداع

آرثـر رامبـو يقول...

صباح النور أ. منجـي

قلم إنساني بحق ... وأعتذر لغيابي لظروف خاصة .


دمت بخير

رشيد أمديون يقول...

ولم يع أحد منهم شيئا عن دوره.....

أظن أن دور الكثيرين هو توجيه أصبع الاتهام فقط..

أحسنت الصياغة، وأجدت الوصف.

لك التحية

ياسمين الشام يقول...

أسعدك الله دنيا وآخرة ... وكلّل أيامك بالنقاء والبهاء يابهيّ,,

أعتذر عن تأخري في الرد وتعرف أنني لا أتأخر إلا لظروف أقوى مني منجي
فقد أدمنت عليها كما قلت ههههه

لك رؤيا للحياة و ظروفنا التي نعيشها و هذه القصة ما أكثرها في هذه الأيام ليس هناك شريدة واحدة ...وهي ليست قصة لا بل واقع نعيشه صورة محزنة لخصت هموم الأمة العربية والإسلامية وما يحدث فيها هنا على أروع مدونة رأيتها صدقا ...

دمت بهذا الرقيّ والألق .. ودام لنا قلمك المبدع ...

تقبل تحياتي و تقديري

ياسمين الشام

Unknown يقول...

عازفة الالحان

تحياتي و تقديري لجميل التدخّل ..

شكرا لوجودك هنا و متابعاتك .

Unknown يقول...

منجي باكير
اسعد الله اوقاتك بكل الخير

الله ما ابدعك وما اجمل اسلوبك في سرد حكاية هذه الانسانة
وهي حكياية كثيرات مثلها
اغتصبهن الحزن
والتهمهن الالم
وغض الطرف عنهن مجتمع اناني لا يبالي الا بنفسه
كم هي قاسية الحياة حينما تسلبنا
حتى اسياسيات الحياة
وكم هي قاسية الظروف حينما ترقص طربنا على اوجعنا
سيدي الكريم
المتني جدا قصتك
فهي بطريقة او باخرى وجه من معاناتنا
نحن معشر النساء
لكن ماذا اقول
عسى رب العالمين يصلح احوالنا جميعا
انه على كل شيء قدير


*****

أمل م.أ

راق لي جدا هذا الرد الأنيق !

مدونة الزمن الجميل توجّه لك

أسمى آيات الشكر !!

تحياتي و تقديري لقلمك و لبهاءك

Unknown يقول...

أحمد محمد شمسان

شكرا لبهاء و جمال المرور

Unknown يقول...

وجع البنفسج

شكرا لجمال الرد ،،

تحياتي و تقديري

Unknown يقول...

السلام عليكم ورحمة الله
كلام روعة واحساس صادقك يدفعك لتعيش الاحداث وكأتك تشاهد فلما
تشرفت فعلا بزيارة مدونتك
ولا تعتبر غيابي عنها تجاهلا او تقصيرا ولكن هو فقط بسبب ظروفي الصحية والعمل اسفة على ذلك
تحياتي

****

شهر زاد

راق لي و أسعدني جدا ما خطّه قلمك و باحت به نفسك النّديّة !
شكرا لك و ربي يعينك و يحفظك
نشتاقك فلا تبتعدي !!!

Unknown يقول...

همسة نور

حضورك كانت له جماليته و رونقه !

تحياتي و شكري و كثيرا من الورد ..

Unknown يقول...

كم هى قاسيه هذه الحياه حين تجبرنا على العيش أمواتا
نجحت فى تجسيد واقع مرير نحياه
رائع ماسطر قلمك هنا
دمت وهذا الابداع

****

هند رجائى

الأروع هو ما تفضّلت به و ما رسمه قلمك

هنا ،،، شكرا كثيرا

Unknown يقول...

آرثـر رامبـو

أهلا يا صديقي

نشتاقك كثيرا فلا تبتعد!!

Unknown يقول...

أبو حسام الدين

بارك الله مساعيك

شكرا على الحضور و بهاء الرد

Unknown يقول...

ياسمين الشام

هلا ياسمين !

مدونة الزمن الجميل تشتاقك و تعاتبك !

هههههههه

تحياتي لجمال القراءة و قويم الرد !!

لا تبتعدي ...

ياسمين الشام يقول...

كلّل الله أيامك بالنقاء والبهاء و السعادة والخير ..

مررت من هنا لألقي التحية وأقول

مدونة راقية و ستايل جدا رائع ..

دائما التحية تتجدد لك منجي

تحية لقلبك الطاهر .. تحية لقلمك المبدع ..

دعواتكَ لي منجي ...

لروحك الطمأنينة

تحياتي

ياسمين الشام

غير معرف يقول...

وكيف للحرف ان يواسيها..
او يهون عليها جراحاتها..
كل ما بالاستطاعه ان ندعو لهاان تجد الايدي الرحيمه التي تطبطب علىها
وتسمعها كلمات الرحمه لتخفف من خشونه ماقد سمعت
ورب العالمين ارحم الراحمين
ليستر الله على الجميع

مودة وتقدير لقلمك...حيث نقاء الحبر

هبنوس

Unknown يقول...

ياسمين الشام

شكرا لوفاء تتميّزين به !

الله يفتح عليك و ينوّر عليك

و يعطيك ما تتنّنين من

خيري الدنيا والآخرة

Unknown يقول...

هبنوس

يروق لي جدا هذا المرور الشذيّ منك !

مدونة الزمن الجميل تشتاق الى

إطلالاتك ،،، فلا تبتعدي ..

تدخّل قويم ، شكرا

احلام عمرنا يقول...

ان الحياة دايماً لا تعطينا كل ما نريد

و نحن نشارك فيها فى صنع بعض المآسى ولا نعلم

اشكرك لقلمك وتميزك

ليلى الصباحى.. lolocat يقول...

لقد وضعت يديك اخى منجى على (( حالة )) يعانى منها اى مجتمع
الشريدة او الشريد انسان نقابله كل يوم فى طريقنا لكن لانعبأ به
كثيرا جدا اتساءل ومنذ صغرى ( ياترى ما السر وراء وصول اى انسان لهذه الحالة ) وكيف كان هذا الانسان فى بادىء امره وما الذى جعله يصل لهذا الشكل الغريب ومن الذى يقف وراء محنته

اكيد ليس انسان واحد كان هو السبب لكن هى امراض مجتمع بأسره

دائما هذا المشهد يوجع قلبى ويصيبنى بالحزن الشديد وليتنا نفهم وندرك اننا جميعا تعاوننا على صنع الاف المشردين بمجتمعاتنا

هى قضية التكافل الاجتماعى سيدى التى نتحدث عنها كثيرا فى كتب حقوق الانسان وكتب الشريعة لكن عندما يصل بنا الحال الى تطبيق الاقوال لأفعال نقر ونعترف بعجزنا وانانيتنا المريضة


احسنت استاذى بارك الله فيك

ارجو ان تشاركنا بموسوعةالمسابقات بقصة قصيرة من ابداعك :) فى مسابقة افضل قصة قصيرة

تحياتى لك بحجم السماء