تحييد المساجد ، تعلّة في إمعان إقصاء الدين
كثر اللّغط من بعد الثّورة و ازداد حدّة هذه
الأيّام في عنوان غواغائيّ الإطلاق و
القصد ، عنوان تحييد المساجد ،و هو عنوان لعلّ من الغرابة التي أحاطته و تحيطه
انّه موضوع تجمّعت فيه كلّ الأقاويل و الًنّقاشات من كلّ المشارب و من كلّ الصّفات
إلاّ من صوت أهل الإختصاص الحقيقيّن و من
يعنيهم الشّأن ..
تحييد المساجد تناوله كل الأشخاص و أكثر من
تكلّموا فيه بلا مرجعيّة واضحة لكنّهم يتّحدون في أكثرهم على مفهوم أوحد و هو
إقصاء المساجد و القائمين عليها من كلّ نشاط إجتماعي و خصوصا سياسيّ و احتكروا في
مداخلاتهم على تجميد دور المسجد في الصّلاة و ما يتيسّر من فقه العبادات ،،،
و هنا نرى نوعان من الذين نصّبوا أنفسهم للبتّ
في هذا الموضوع ، إمّا كانوا من ذوي ثقافة دينيّة سطحيّة جرّاء التعتيم و التغريب
و الإقصاء التي تعمّدها الحكّام طيلة العقود المنقضية وهم من الذين قد نلتمس لهم العذر لعدم إلمامهم
بما يجب معرفته ، و لكن عليهم إعادة قراءة التاريخ و الحضارة الإسلاميّة ليقف من
صفتْ نيّته و طابت سريرته على واقع و حقيقة الديانة الإسلاميّة ...
و هناك النّوع الثاني و هم الذين لا شغل لهم
إلاّ محاربة الدّين و أهله و التصدّي لأمر و شرع اللّه ، لا يفرّطون في مناسبة و
لا يدّخرون جهدا إلاّ و كانوا السبّاقين لانتهاك حرمات اللّه و رفض ما شرع و أوجب
اللّه على خلقه ،، بل اجتهدوا في مناقضة الدّين و الشرع و دعوا إلى استعاضته بما
يخيّل إليهم أنّها إيديولوجيات الخلاص و التقدّمية و معانقة التحضّر ،،،
لكــــــــنّ الثّابت في الأمر أنّ المسجد مرّ (
كما كثير من المؤسّسات ) بعصر انحطاط على أيدي الدكتاتوريات السّابقة و جمّد دوره
و اختزل عمدا و بسابق إصرار ، كما ضربوا بيد من حديد على كلّ نفس أرادت تعمير و
ردّ الإعتبار للمسجد و إيلاءه مكانته الأصليّة في الإصلاح و التربية والتّعليم
و تجميع الرأي و المساهمة في الدّفع و
الإرتقاء بالشأن العام و إصلاح ذات البين و غيره ،،،
و من الثّابت أيضا أنّ المسجد جامع لأهل البلد و
هو النّواة التي تنبني عليها كلّ منافع و صالح البلاد و العباد ، وهو أيضا شاكلة من أشكال خلايا المجتمع
المدني ،،،
و ما موجة – تحييد المساجد – إلاّ واحدة من جملة
مخطّط يتبنّاه سدنة اللاّئيكية و العلمانيّة العمياء و بتأجير من الدّول التي لا
يسعدها قيام الإسلام على شكله الصّحيح ،
مخطّط يحمل في طيّاته محاربة كلّ نفس إسلامي ابتداءً من العامّة في دوائر المجتمع
و الحياة العامّة و انتهاء بدواليب الدّولة و أشكال الحكم و تسيير الشأن العام
للمسلمين ،،،
و لتشخيص يعلمه هؤلاء المحاربون للدين و الملّة بأنّ المسجد هو
النّواة الجامعة للأمّة و هو المؤسّسة النّابضة دوما مهما بلغ بالمسلمين الهوان و
تمكّن منهم الضعف ، فإنّ كل سهامهم تنصبّ على المسجد و الأمّة و أهل العلم و
يمعنون في تشويه و إتّهام كلّ من صدح بالحقّ و عمل على إحياء منهاج العقيدة و
الشريعة في أيّ بلد إسلامي ، و ما آخر تقليعاتهم في إطلاق تهم الإرهاب على
عواهنها إلاّ عنوانا بارز من عناوين
حملاتهم الماكرة لتأليب ضعاف النّفوس و الجاهلين بقيم الإسلام ،،،كما أنّ أياديهم
لا تبرؤ من دسّ و استعمال المجرمين و السّفلة في الصّفوف و الحلقات و المساجد
لتبرير نعوتهم و لإقامة الحجج على مزاعمهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق